وَلَهَا مَوْضِعَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ رَدًّا لِنَفْيٍ يَقَعُ قَبْلَهَا نَحْوَ: {مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلَى} أَيْ عَمِلْتُمُ السُّوءَ،: {لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى} أَيْ يَبْعَثُهُمْ، {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ} {لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ} ثم قال: {بَلَى} أَيْ عَلَيْهِمْ سَبِيلٌ، {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى} ثم قال: {بَلَى} أَيْ يَدْخُلُهَا غَيْرُهُمْ: {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً} ثم قال: {بَلَى} ، أَيْ تَمَسُّهُمْ وَيُخَلَّدُونَ فِيهَا.

الثَّانِي: أَنْ تَقَعَ جَوَابًا لِاسْتِفْهَامٍ دَخَلَ عَلَى نَفْيٍ فَتُفِيدُ إِبْطَالَهُ سَوَاءٌ كان لاستفهام حَقِيقِيًّا نَحْوَ: أَلَيْسَ زَيْدٌ بِقَائِمٍ؟ فَتَقُولُ بَلَى وتوبيخا نَحْوَ: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى} ، {أَيَحْسَبُ الْأِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ بَلَى} ، أَوْ تَقْرِيرِيًّا نَحْوَ: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ: لَوْ قَالُوا: نَعَمْ كَفَرُوا وَوَجْهُهُ أَنَّ نَعَمْ تَصْدِيقٌ لِلْمُخْبِرِ بِنَفْيٍ أَوْ إِيجَابٍ فَكَأَنَّهُمْ قَالُوا لَسْتَ رَبَّنَا بِخِلَافِ بَلَى فَإِنَّهَا لِإِبْطَالِ النَّفْيِ فَالتَّقْدِيرُ: أَنْتَ رَبُّنَا.

وَنَازَعَ فِي ذَلِكَ السُّهَيْلِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الِاسْتِفْهَامَ التَّقْرِيرِيَّ خَبَرٌ مُوجَبٌ وَلِذَلِكَ امْتَنَعَ سِيبَوَيْهِ مِنْ جَعْلِ أَمْ مُتَّصِلَةً فِي قَوْلِهِ: {أَفَلا تُبْصِرُونَ أَمْ أَنَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015