حنبل رضي الله عنه يقول: هو أشرف حديث لأهل الشام، وكان أبو إدريس الخولاني1 إذا حدَّث به جثا على ركبته، كما ذكره مسلم في صحيحه، وراويه هو إمام أهل الصوفية الذي قيل فيه: "ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أصدق لهجةً منه" 2 فالله سبحانه وتعالى نفى الظلم عن نفسه بقوله: "إني حرمت الظلم على نفسي" أي: لا يليق، ولا ينبغي أن أتَّصف به، وهو مستحيل في حقه تعالى؛ لأن الظلم قبيح، ونفاه الباري تعالى في غير موضع من كتابه، فقال: {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ} [النحل: 118] وقال: {وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} [الكهف: 18] وقال: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت: 46] وقال: {إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا} [النساء: 77] ونفى تبارك ذكره إرادته الظلم أيضًا بقوله: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ} [آل عمران: 108] وقوله: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ} [غافر: 31] ونفى خوف العباد له بقوله: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخَافُ ظُلْمًا وَلا هَضْمًا} [طه: 112] قال أهل التفسير من السلف في هذه الآية: لا يخاف أن يظلم فيحمل عليه سيئات غيره، ولا يهضم، فينقص من حسناته، يعني: أن المحسن لا يظلم في الآخرة فينقصه الله جل ذكره من إحسانه، أو يجعله لغيره، ولا يظلم مسيئًا فيجعل عليه سيئات غيره، بل لها ما كسبت، وعليها ما اكتسبت. وقد أفاد هذا المعنى قوله تعالى: {أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى، وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى، أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى، وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى، وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى، ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى} [النجم: 36 - 41] . وللعلماء في تفسير الظلم المنفي هنا أقوال، وتنازع، فبعضهم قد شذ، وبعضهم قد غلا، وتجاوز، والقول الوسط في ذلك ما أشرنا إليه