ش- الخمر مؤنثه في اللغة الفصيحة المشهورة، وأصل الخمر: سترالشيء، وتغطيته، وسُميت خمراً؛ لكونها خامرة لمقرالعقل. قال الواحدي1: الخمرعند أهل اللغة سميت خمراً؛ لسترها العقل. قال الليث: اختمار الخمر إدراكها، وغليانها، ومخمرها: متخذها، وخمرت الدابة، أخمرها: سقيتها الخمر. قال الكسائي2: يقال: اختمرت خمراً، ولا يقال: أخمرتها. وأصل هذا الحرف التغطية، وقيل: سميت خمراً؛ لأنها تغطِّي حتى تدرك. وحظيرة القدس: الجنة، وهي في الأصل: الموضع الذي يحاط عليه لتأوي إليه الغنم، والإبل، يقيها البرد، والريح. ويطلق أيضاً على الشريعة، وكلاهما صحيح، فالشريعة: حظيرة، منها يُستفاد القدس، أي: الطهارة. والتقديس: التطهير، ومنه: بيت المقدس، والحرير: معروف.
والمعنى: أن من ترك شرب الخمر، بأن لم يشربه ابتداء، أو تركه بعد أن شربه مدة،وهو يقدرعلى شربه؛ ليسقينه المولى جل ذكره من خمر الجنة في حظيرة القدس - أي: في الجنة- التي قال الله تعالى في وصفها في كتابه المبين: {يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ، بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ، لا فِيهَا غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ} [الصافات: 45-47] أي: يُطاف على أهل الجنة بكأس فيه خمر يجري كما تجري العيون على وجه الأرض، وهذه الكأس بيضاء، صافية اللون، ترى من الظاهر، ذات لذة، وأشد بياضاً من اللبن، وليس كخمر الدنيا، يغتال العقول، ويذهب بها -ولا يسكرون بعد شربها، فلا يصيبهم منها مرض، ولا صداع، وتغيب، بل يملكون حواسهم، وشعورهم، ويجدون لذة لوعرضت على أهل الدنيا لماتوا من شدة لذتها واستطابتها. اللهم لا تحرمنا منها!
والخمر جاء الشرع بتحريمها، واستنكارها، وبيان مضارها، واستفظاعها، والتهديد لمن شربها ووعيده. قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ