وإعظامُه، ومحبتُه، وأنه أهل أن يُطاع، ويذكر، فلا يُنسى، ويشكر، فلا يكفر، وأنه يفتدى من انتهاك محارمه بالنفوس والأموال، كما قال بعض السلف: وددت أن الخلق كلهم أطاعوا الله، وأن لحمي قُرِض بالمقاريض.

وكان عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز1 يقول لأبيه: وددت أنِّي غَلَت بي وبك القدور في الله تعالى. ومن لحظ هذا المقام والذي قبله هان عليه كل ما يلقى من الأذى في الله تعالى، وربما دعا لمن آذاه، كما قال ذلك النبي صلى الله عليه وسلم لما ضربه قومه، فجعل يمسح الدم عن وجهه، ويقول: "رب اغفر لقومي، فإنهم لا يعلمون" وبكل حال فتبين الرفق في الإنكار. قال سفيان الثوري: لا يأمربالمعروف، ولا ينهى عن المنكرإلا من كان فيه ثلاث خصال: رفيق بما يأمر، ورفيق بما ينهى، عدل بما يأمر، عدل بما ينهى، عالم بما يأمر، عالم بما ينهى. وقال أحمد: الناس محتاجون إلى مداراةٍ ورفق، الأمر بالمعروف بلاغلظة إلا رجل معلن بالفسق، فلا حرمة له. قال: وكان أصحاب ابن مسعود إذا مروا بقوم يرون منهم ما يكرهون يقولون: مهلاً رحمكم الله! مهلا رحمكم الله! وقال أحمد: يأمر بالرفق، والخضوع، فإن أسمعوه ما يكره لا يغضب، فيكون يريد أن ينتصر لنفسه. وقد ذكر الحافظ المنذري في كتابه "الترغيب والترهيب" حديث الكتاب عن عائشة رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يا أيها الناس! إن الله يقول لكم: مروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر قبل أن تدعوا فلا أجيب لكم، وتسألوني فلا أعطيكم، وتستنصروني فلا أنصركم"2 رواه ابن ماجه، وابن حبان في صحيحه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015