أو قول فيه صلاح صاحبه، وهو من قولهم: نصحت لهم الود؛ أي: أخلصته. وناصح العسل: خالصه. أو من قولهم: نصحت الجلد: خطته. والناصح: الخياط. والنصاح: الخيط. والنصيحة: كلمة يُعبَّر بها عن جملة، هي إرادة الخير للمنصوح له، وليس يمكن أن يعبرهذا المعنى بكلمة واحدة تجمع معناه غيرها.

وقد جاء القرآن يحكي نصح الأنبياء لقومهم، قال حكاية عن صالح عليه الصلاة والسلام: {فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ} [الأعراف:79] وقال تعالى حكاية عن نبي الله شعيب عليه الصلاة والسلام: {فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ} [الأعراف:93] وقال تعالى: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التوبة:91] يعني: أن من تخلف عن الجهاد لعذر؛ فلا حرج عليه بشرط أن يكون ناصحاً لله ورسوله في تخلفه، فإن المنافقين كانوا يظهرون الأعذار كاذبين، غير ناصحين لله ورسوله، وقال تعالى حكاية عن نبي الله نوح عليه السلام: {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} [الأعراف:62] وقال تعالى حكاية عن نبي الله هود عليه السلام: {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ} "الأعراف:68" وقال تعالى حكاية عن إخوة يوسف: {قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ} [يوسف:11] .

وروى مسلم في صحيحه عن أبي رقية تميم بن أوس الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الدين النصيحة -ثلاثًا- قلنا: لمن يا رسول الله؟! قال: لله عز وجل، ولكتابه، ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ولأئمة المسلمين، وعامتهم" 1 وروى الإمام أحمد من حديث أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله عز وجل: "أحب ما تعبدني به عبدي النصح لي" 2 وهو قطعة من حديث الكتاب، وقد ورد في أحاديث كثيرة النصح للمسلمين عموماً، وفي بعضها النصح لولاة الأمور، وفي بعضها نصح ولاة الأمور لرعايهم، وفي بعضها النصح لله وحده جلَّ عزه، كما في حديث الكتاب، وفي الصحيحين عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015