وقد أكثر الناس الكلام في الزهد، وكل أشار إلى ذوقه، ونطق عن حاله وشاهده، وقد سُئِل الرسول صلى الله عليه وسلم عن الزهد فأجاب: خرَّج الترمذي، وابن ماجه من رواية عمرو بن واقد عن يونس بن حليس، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي ذر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الزهادة في الدنيا ليست بتحريم الحلال، ولا إضاعة المال، ولكن الزهادة في الدنيا ألا تكون بما في يدك أوثق مما في يد الله، وأن تكون في ثواب المصيبة إذا أنت أصبت بها أرغب فيها لو أنها بقيت لك"1 قال الترمذي: غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وعمرو بن واقد منكرالحديث، والصحيح وقفه كما رواه الإمام أحمد في كتاب الزهد.
وقال سفيان الثوري: الزُهد في الدنيا: قصر العمل ليس بأكل الغليظ، ولا لبس العباء. وقال ابن الجلاء2: الزهد: هو النظر إلى الدنيا بعين الزوال، فتصغر في عينك، فيسهل عليك الإعراض عنها. وقال الجنيد3: الزهد: خلو القلب عما خلت منه اليد. وقال الإمام أحمد: الزهد في الدنيا: قصر الأمل. وعنه رواية أخرى: أنه عدم فرحه بإقبالها، وحزنه على إدبارها، فإنه سئل عن الرجل يكون معه ألف دينار هل يكون زاهدًا؟ فقال: نعم على شريطة ألا يفرح إذا زادت، ولا يحزن إذا نقصت. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه: الزهد: ترك ما لا ينفع في الآخرة، والورع: