قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل"1. رواه أحمد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن حبان، وابن ماجه، عن أبي هريرة.
ش- القسم: بفتح أوله، وسكون ثانيه: مصدر قسم الشيء، فانقسم؛ أي: إفراز النصيب، والقسم -بكسر أوله وسكون ثانيه- الحظ، والنصيب من الخير، فيقال: هذا قسمي، والجمع أقسام، وقسمة الميراث، والغنيمة: تفريقهما على أربابهما. والصلاة: هي العبادة المخصوصة المشتملة على التكبير، والتسبيح،والقراءة، وأصلها: الدعاء، وهي من العبادات التي لم تنفك شريعة منها، وإن اختلفت صورها بحسب شرع فشرع، ولهذا قال الله عز وجل: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء:103] والمراد بها هنا: قراءة الفاتحة؛ لاشتمالها عليها من إطلاق الكل وإرادة الجزء، كما يدل عليه تمام الحديث، والحديث الذي في أول الكتاب جاء مصرحًا بذلك، وقد تقدم ذكره، وذكرنا ما يتعلق به إجمالًا، ونذكر الآن ما يتمم ذلك.
والمعنى: أن الله تباركت أسماؤه، وتنزهت صفاته أخبرنا: أن الفاتحة التي اشتملت عليها الصلاة، وقسمها بينه عزوجل وبين عبده نصفين، فيصح أن تكون القسمة من جهة المعنى دون اللفظ؛ لأن نصف الدعاء يزيدعلى نصف الثناء، ونصفها الأول تحميد لله تعالى ذكره، وتمجيد له، وثناء عليه. ونصفها الثاني سؤال، وتضرع، وافتقار، ويحتمل أن تكون باعتبار اللفظ؛ لأنها سبع آيات بدليل حديث أول الكتاب، قال الله تعالى: "ابن آدم أنزلت عليك سبع آيات: ثلاث لي، وثلاث لك، وواحدة بيني وبينك ... الحديث" فثلاث منها ثناء، وثلاث دعاء، والآية المتوسطة نصفها ثناء، ونصفها دعاء، فنصفها لله عز وجل خاص به، وهي الثلاث الآيات الأول، ونصفها للعبد خاص به، وهو من {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة:6] إلى آخر السورة.
وقوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:5] بين الله عزوجل وبين عبده. قال أستاذنا الجليل الشيخ محمود محمد خطاب السبكي2 رحمه الله تعالى في