والكذب، البعيد من التهم، التقي القلب من الشرك، والبريء: الصحيح الجسم، والعقل.
والمعنى والله أعلم: أن هذا الفعل الذي اتَّصف به العبد، وصدر منه، لا يرضى به الله تبارك وتعالى، بل يسخطه.
وقوله في الحديث الثاني: "تركته وشركه" الشرك هنا بمعنى العمل، والواو عاطفة بمعنى مع؛ أي: أجعله وعمله مردوداً من حضرتي.
والمعنى: أن الله سبحانه وتعالى أخبر: أنه أغنى الشركاء عن الشرك؛ أي: لا يصح أن يكون له شريك، فإذا كان بغض الشركاء غني عن الشركاء، فالله أغنى عن ذلك، وأبعد فإذا عمل العبد عملًا فواجب عليه أن يخلص فيه لله جلَّ ذكره، ولا يشرك فيه غيره جل، وعز، فإذا أشرك العبد بعمله. غير الله تعالى؛ فهو مردود عليه ذلك العمل، والله تعالى بريء من عمله ذلك. وعمل العبد الذي أشرك فيه غير الله فليطلب جزاءه من الشريك الذي أشركه مع الله تعالى في عمله، وأنى له ذلك!
ففيه حثُّ العباد أن يخلصوا في أعمالهم؛ ليكون العمل مقبولًا، ويثاب عليه، ويكون ذخراً له في يوم هو أحوج ما يكون إليه. وفيه أيضًا: بيان غنى الله تعالى، وأنه أغنى الأغنياء، بل جميع الأغنياء محتاجون إليه، فهو الغني المطلق، وغيره فقير إليه، فلا ينبغي للعبد أن يطلب، أو يعمل شيئًا إلا لله جل اسمه، وتعالت صفاته، والله أعلم.
وقوله: رواه مسلم، هو الإمام الحافظ الحجة صاحب الصحيح -الذي هو أصح دواوين الإسلام في الحديث بعد صحيح البخاري- وانظر الكلام على صحيحه في كتاب -نموذج من الأعال الخيرية في إدارة الطباعة المنيرية -صفحة 572- أبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري المتوفى سنة 261هـ.
وابن ماجه هو الحافظ الكبير، والمؤلف القدير، الإمام الحافظ أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني ابن ماجه الربعي، صاحب السنن، والتفسير، والتاريخ، المتوفى لثمان بقين من رمضان سنة ثلاث وسبعين ومئتين.