فَأَغْنَى} [الضحى:8] وذلك هو المذكور في قوله عليه الصلاة والسلام: "الغنى غنى النفس" والثالث كثرة القينات بحسب ضروب الناس، كقوله جل ذكره:
{وَمَنْ كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ} [النساء:6] وعلى هذا قوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ لما أرسله إلى اليمن في شأن الصدقة، "تُؤخذ من أغنيائهم وتُرد في فقرائهم"1، ولفظ "أغنى": أفعل تفضيل؛ أي: أكثر غنىً من غيره، وليس على بابه؛ إذ لا غنى في الحقيقة بل الكل محتاج إليه.
والشركاء: جمع شريك، ومن هذه المادة الشركة، والمشاركة، وهو: خلط الملكين، وقيل: هو أن يوجد شيء لاثنين فصاعدًا عينًا كان ذلك الشيء، أو معنى كمشاركة الإنسان والفرس في الحيوانية، ومشاركة فرس وفرس في الكمتة، والدهمة.
قال الراغب: وشرك الإنسان في الدين ضربان؛ أحدهما: الشرك العظيم، وهو إثبات شريك لله تعالى، يُقال: أشرك فلان بالله، وذلك أعظم كفر، قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: 116] وقال تعالى: {مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ} [المائدة: 72] وقال تعالى: {يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً} [الممتحنة: 12] وقال تعالى: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا} [الأنعام: 148] .
والثاني: الشرك الصغير، وهو مراعاة غير الله معه في بعض الأمور، وهو الرياء، والنفاق المشار إليه بقوله: {شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الأعراف: 190] وقوله: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يوسف:106] .
وقوله: "برئ" اسم فاعل؛ أي: خالص، ومفارق، وسالم منه، يقال: برئت من الشيء، أبرأ، براءة، وأنا منه بريء: إذا أزلته عن نفسك، وقطعت سبب ما بينك وبينه، قال ابن الأعرابي2: البريء: المتفصي من القبائح، المتنحي عن الباطل