مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ؟، - وَهِيَ بِئْرٌ يُلْقَى فِيهَا الحِيَضُ وَلُحُومُ الكِلاَبِ وَالنَّتْنُ - فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «المَاءُ طَهُورٌ، لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ».
كَمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: اغْتَسَلَ بَعْضُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ (*) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي جَفْنَةٍ، فَجَاءَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيَغْتَسِلَ فِيهَا أَوْ لِيَتَوَضَّأَ , فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي كُنْتُ جُنُبًا , قَالَ: «إِنَّ المَاءَ لَا يُجْنِبُ».
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا كَانَ المَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ نَجَسًا».
ثم قال ابن أبي شيبة: «وَذُكِرَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ: " يَنْجُسُ المَاءُ "».
وهذا الذي ذكره ابن أبي شيبة يشير إلى قضيتين:
- أولاهما: حكم الماء إذا وقعت فيه النجاسة.
- والثانية: حكم الماء المستعمل. ويجمعهما في رأيه أن الماء لا ينجس بوقوع النجاسة فيه، ولا باستعماله.
وبالنسبة للقضية الأولى، فقد اتفق العلماء على أن الماء الذي غيرت النجاسة أحد أوصافه: طعمه أو لونه أو ريحه لا يجوز الوضوء به ولا الطهور، كما اتفقوا على طهارة الماء الجاري الكثير إذا خالطته نجاسة لم تغير شيئًا من أوصافه. لكنهم اختلفوا في غير ماء البحار والأنهار إذا خالطته نجاسة لم تغير أحد أوصافه:
فقال قوم: هو طاهر، سواء كان كثيرًا أو قليلاً، وهي رواية عن مالك، وبه قال أهل الظاهر، وإليه مال البخاري، كما يفهم من ترجمته: (بَابُ مَا يَقَعُ مِنَ النَّجَاسَاتِ فِي السَّمْنِ وَالمَاءِ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: «لَا بَأْسَ بِالمَاءِ مَا لَمْ يُغَيِّرْهُ طَعْمٌ أَوْ رِيحٌ أَوْ لَوْنٌ») (?). على الرغم من أنه لم ير صحة ما رواه ابن أبي شيبة في ذلك. كما ذهب النسائي أيضًا إلى ذلك، حيث ذكر