ومنهجهم في تناول القضايا الفكرية، وهو الذي يعرض لنا موضوعات الخلاف من وجهة نظرهم، فيكشف لنا من خلال علاجهم لهذه الموضوعات - كيف أنهم لم يتصوروا أنها موضوعات تحتمل وجهات النظر وأن تحديد الصواب في إحداها ليس [قطعيًا]، وإنما كان تصورهم لها عن طريق القطع بأنهم مصيبون، وأن خصمهم على خطأ لمخالفته الأحاديث الصحيحة.
ومن أهم المحدثين الذين تعرضوا لموضوعات الخلاف هذه - ابن أبي شيبة والبخاري. وقد بلغ من اهتمامهما بها، أن عقد الأول فصلاً خاصًا بها، وناقشها الثاني في أماكن متفرقة من " صحيحه ".
وسوف نعرض هذه الموضوعات في فصلين: نخصص أولهما لبيان وجهة نظر ابن أبي شيبة فيها، لأنه أسبق من البخاري، الذي خصصنا الفصل الثاني لعرض وجهة نظره في هذه الموضوعات. ثم نتبع كلا من هذين الفصلين ببعض الإحصاءات والنقد، نصفي فيه الحساب بين أهل الحديث وأهل الرأي، لنعطي كل ذي حق حقه.
ومع حرصي على توخي العدالة، وتوقي الميل، فلن تكون كلمتي هي القول الفصل في موضوعات هذا الخلاف، بل لن تعدو أن تكون وجهة نظري فيه. واللهَ أسألُ أن يهدينا سواء السبيل.