التفصيل. والمقطوع على المظنون. وقد دل على تقديم الكتاب أخبار وآثار كثيرة كَحَدِيثِ مُعَاذٍ: «بِمَ تَحْكُمُ؟»، قَالَ: «بِكِتَابِ اللَّهِ». قَالَ: «فَإِنْ لَمْ تَجِدْ؟». قَالَ: «بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ...». وكتاب عمر إلى شُرَيْح: «إِذَا أَتَاكَ أَمْرٌ فَاقْضِ [فِيهِ] بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَإِنْ أَتَاكَ مَا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَاقْضِ بِمَا سَنَّ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ ...». وفي بعض الروايات: إِذَا وَجَدْتَ شَيْئًا فِي كِتَابِ اللَّهِ فَاقْضِ بِهِ وَلاَ تَلْتَفِتْ إِلَى غَيْرِهِ»، وَرُوِيَ مثل ذلك عن ابن مسعود وابن عباس وكثير من السلف الصالح (?).
- الاتجاه الثالث: تقديم السنة على الكتاب. وقد نشأ هذا الاتجاه في مقابلة الاتجاه الثاني، وَرَدِّ فعل له. وهو المراد بقولهم: إن السنة قاضية على الكتاب، وليس الكتاب بقاض على السنة، لأن الكتاب قد يكون محتملاً لأمرين فأكثر، فتأتي السنة بتعيين أحدهما، فيرجع إلى السنة ويترك مقتضى الكتاب، وهذا دليل على تقديم السنة.
يقول الأَوْزَاعِيُّ: «الْكِتَابُ أَحْوَجُ إِلَى السُّنَّةِ مِنَ السُّنَّةِ إِلَى الْكِتَابِ». قَالَ أَبُو عُمَرَ - ابن عبد البر -: «يُرِيدُ أَنَّهَا تَقْضِي عَلَيْهِ وَتُبَيِّنُ الْمُرَادَ مِنْهُ».
ويقول مكحول: «القُرْآنُ أَحْوَجُ إِلَى السُّنَّةِ مِنَ السُّنَّةِ إِلَى الكِتَابِ».
ويقول يحيى بن أبي كثير: «السُّنَّةِ قَاضِيَةٌ عَلَى الكِتَابِ، وَلَيْسَ الْكِتَابُ قَاضِيًا عَلَى السُّنَّةِ» (?).
هذه هي الاتجاهات الثلاثة حول مرتبة السُنَّةِ بالنسبة للقرآن. ولعل