حقيقة دعوى فرق الابتداع كونها فرق أهل السنة والجماعة

المقدم: لكن هناك من الفرق من يدعون أنهم هم أهل السنة والجماعة، أما غيرهم فقد يكونون حشوية أو مجسمة إلى غير ذلك من الأوصاف؟ الشيخ: هناك من يدعي أنه من أهل السنة والجماعة وعنده اختلاف، وهناك من الفرق من أهل الأهواء والافتراق والبدع من هم من المسلمين، لكنهم ضلوا عن السنة، وما خرجوا من الإسلام، وأرجو أن يفهم ذلك؛ لأن هناك خلطاً، فحينما نقول: (الفرق) لا نقصد الفرق التي خرجت عن الملة، فهذه لا تحسب من فرق المسلمين، إنما الفرق التي بقيت على أصل الإسلام لكنها ابتدعت في الدين، فوقعت في ضلالات، ووقعت في بدع، وخرجت عن وصية النبي صلى الله عليه وسلم، فهذه خارج إطار السنة والجماعة.

المقدم: مثل ماذا؟ الشيخ: مثل بعض الفرق المشهورة، ولا داعي لذكرها، لكن أقول: إن هذه الفرق كل منها يدعي أنه على مسلك السنة والجماعة، أو أكثرها.

وقبل أن أذكر الميزان في تحقيق الدعوى لا بد من أن أشير إلى أمر، وهو أن منهج السنة والجماعة قد توجد بعض أصوله وبعض ثوابته عند الفرق الأخرى، فهذه الفرق ما خرجت من الدين كله، وهي تتفاوت، فبعض الفرق بقي عندها الكثير من أصول السنة، وبعضها تركت كثيراً، وبعضها ما بقي عندها من السنة إلا القليل، لكنهم كلهم خرجوا عن السنة؛ لأن الضابط في الخروج عن السنة هو: أن من خالف في أصل أو أكثر من أصول السنة والجماعة الاعتقادية أو العلمية أو العملية، أو في مناهج الدين؛ فقد خرج عن السنة في أصل أو أكثر.

وإذا كان الأمر كذلك فلا بد من ميزان لتحقيق دعوى السنة والجماعة عند هؤلاء، فنقول: هذه ثوابت السنة: أركان الإيمان، أركان الإسلام، الشفاعة، الرؤية، الجهاد، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، التعامل مع ولاة الأمر، التعامل مع العلماء، العبادات التي شرعها الله وشرعها رسوله صلى الله عليه وسلم، عدم الإحداث في الدين إلخ.

فننظر فيما عند هذه الفرق ثم نطبقه على هذه الثوابت، فإن تحقق أن كل أصولهم على الثوابت فهم من أهل السنة والجماعة، وإذا تحقق أنهم خالفوا في أصل أو أكثر سقطت الدعوى بهذا المنهج العلمي الواضح.

المقدم: بعض الناس يقول: إن أهل السنة والجماعة هم تلك الفرق التي تقوم مقابل الرافضة، فهل هذا المصطلح له وجاهة؟ الشيخ: قصدك السنة في مقابل الرافضة؟ المقدم: السنة أو أهل السنة.

الشيخ: نعم قد يطلق هذا؛ لأن كل مصطلح من المصطلحات أحياناً يكون له إطلاق عام، وأحياناً يكون له إطلاق خاص.

فإذا أخذنا مفهوم السنة والجماعة بالإطلاق الخاص الاصطلاحي الشرعي؛ فإنه يعني الفرقة التي ثبتت على منهاج النبوة.

ولكن هناك إطلاق عام له عندما نقسم المسلمين إلى قسمين، فنقول: سنة وشيعة، فيدخل في المفهوم العام للسنة الفرق الكلامية الأخرى والصوفية الذين لا ينتحلون التشيع في مقابل الشيعة، وهذا التصنيف لم يكن موجوداً قديماً، بل أغلبه جاء من المستشرقين، لكن مع ذلك له أصل عندما ننظر إلى عموم الوصف.

المقدم: الذي نقصد في هذا اللقاء أن أهل السنة هم من كان على منهج النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه.

الشيخ: الوصف الشرعي، لا الوصف العام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015