احتج مَنْ قال: إنَّ الجواز لا يبقى فيما إذا قال: نَسَخْتُ الوجوبَ أو حرمةَ الترك - بأنَّ كل فصل فهو علة لوجود الجنس (?)؛ لاستحالة وجود جنسٍ مُجَرَّدٍ عن الفصول كالحيوانية المطلقة (?)، وإليه أشار بقوله: "يتقوم بالفصل". أي: يوجَدُ به. وإذا عُلِم هذا فالجواز جنس للواجب، والمكروه، والمندوب، والمباح، وعلةُ وجودِه في كل منها فَصْلُه، فالعلة في وجوده في الواجب فصل الحرج على الترك، فإذا زال ذلك الفصل زال الجواز ضرورةَ زوالِ المعلولِ بزوالِ علته.

وأجاب أولًا: بأنا لا نسلم أنَّ الجنس يتقوم بالفصل. وتقرير ذلك مُحَال على الكتب (?) الحِكْمية، ولئن سَلَّمنا أنه علة له فلا نسلم أنه يلزم من ارتفاع هذا الفصل ارتفاع الجنس؛ لجواز بقائه بفصل آخر يَخْلُف ذلك الفصل: وهو عدم الحرج على الترك، فإنه إذا ارتفع قَيْدُ الوُجوب بقي جنس الجواز ولا دليلَ على الحرج فيتقوم بفصل عدم الحرج، ولا يكون جنسًا مجرّدًا (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015