قد يضعف قولُ الغزالي في الرد عليهم: "إن هذا بمنزلة قول القائل: كل واجب فهو ندب وزيادة، فإذا نسخ الوجوب بقي الندب ولا قائل به" (?)؛ لأنا نقول: المدَّعى بقاءُ الجواز الذي هو قَدرٌ مشتركٌ بين الندب والإباحة والكراهة - في ضِمْنٍ وَاحدٍ (?) من الأنواع الثلاثة، لا بقاء نوع منها على التعيين (?)، فإنه لا بدَّ له من دليل خاص، فكيف يكون هذا بمنزلة قول القائل: إذا نُسِخ الوجوب بقي الندب! .
فإن قلتَ: تَحَرَّر مِنْ هذا أن القوم يقولون ببقاء مطلق الجواز مكتسبًا من دلالة الواجب عليه، (والغزالي ينكر كونه مكتسبًا من دلالة الواجب عليه) (?)، ولا تَنَازع (?) في بقاء رفع الحرج، فالخلاف حينئذ لفظيٌّ (?).
قلت: الغزالي كما سَلَفَت (?) الحكاية عنه يقول: إنَّ الحال يعود إلى ما كان عليه من تحريم وإباحة، فهو منازع في أصل بقاء الجواز. ويظهر