أدلتها ظنون، تضطرب بحسب الأذهان، فكان تحصيل رتبة الاستدلال فيها محتاجًا إلى الانقطاع عن الاشتغال بغيرها فأدّى إلى ما ذكرناه (?).
واحتج الجبائي: بأن الحقّ في المسائل الاجتهادية متعدد، بخلاف غيرها، فإنّه واحد، فالتقليد فيه لا يؤمن من الوقوع في غير الحقّ.
والجواب: بعد تسليم (?) أنّ كلّ قول في المجتهدات حقّ، أنَّه لا يؤمن فيها أيضًا من الوقوع في الخطأ؛ لاحتمال تقصير المجتهد في الاجتهاد، أو أنْ لا يجتهد أو يفتي بخلاف اجتهاده (?).
تنبيه: ذهب معظم الأصوليين إلى أنّ القول بأنّ العاميَّ مقلدٌ للمفتي فيما يأخذ منه؛ لأنَّ التقليد إن عرف بأنه: قبول قول القائل بلا حجّة فقد تحقق ذلك، إذ ليس قوله في نفسه بحجة، وإن عرف بأنّه: قبول قول القائل مع الجهل بمأخذه، تحقق في قول المفتي أيضًا.
قال القاضي في مختصر التقريب: والذي نختاره أنّ ذلك ليس بتقليدٍ أصلًا، فإنَّ قولَ العالمِ حجةٌ في حقٍّ المستفتي نَصَبَهُ الربُّ تعالى علمًا في حقّ العامي، وأوجب عليه العمل به، كما أوجب على المجتهد العمل باجتهاده،