واعلم أن كلام المصنف ربما يُوهم توقفَ الاحتجاج بقول الصحابي: "كنا نفعل" على تقييده بعهد النبي (?) - صلى الله عليه وسلم -، وفيه مخالفة لكلام غيره. والذي عندي في ذلك أن لهذه الدرجة ألفاظًا:
أعلاها: أن يقول: كنا معاشرَ الناس، أو كانت الناس تفعل ذلك في عهده - صلى الله عليه وسلم -. وهذا (?) ما لا يتجه في القول بكونه حجة (?) خلافٌ؛ لتصريحه بنقل الإجماع المعتضِد بتقرير النبي - صلى الله عليه وسلم - (?).
والثانية: أن يقول: كنا نفعل في عهده - صلى الله عليه وسلم -، ولا يصرح بجميع الناس. فهذه دون تلك؛ لأن الضمير في قوله: "كنا" يحتمل أن يعود على طائفة مخصوصة (?).
والثالثة: أن يقول: كان الناس يفعلون كذا، ولا يصرح بعهد النبي - صلى الله عليه وسلم -. فهذه دون الثانية من جهة عدم التصريح بعهده - صلى الله عليه وسلم -، وفوقها من جهة تصريحه بجميع الناس. فيحتمل أن يقال بتساويهما، والأظهر رجحان تلك؛ لأن التقييد بعهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ظاهرٌ في أنه قرَّر عليه (?)، وتقريره تشريع سواء