وأما تمسك الإمام بلفظ "الأسوة" ففيه نظر؛ إذ المعنى: أن لكم فيه قدوةً وأنه شُرِع (?) الاقتداء به، وذلك أعم مِنْ أن يكون على سبيل الوجوب أو الندب أو الإباحة، كما تقول: زيد قدوةٌ. وليس المعنى أنه يجب الاقتداء به، ولا يستحب، بل ما هو أعم من ذلك.
وأما تمسك المصنف بقوله: {حَسَنَةٌ} - فقد أُورد عليه أن الحسنة لا تدل على الرجحان؛ لما تقرر في أوائل الكتاب من أنَّ المباح حسن (?). وهذا إيرادٌ لائح في بادئ (?) النظر إلا أن الذهن يُسابِق في هذه الآية إلى فهم الرجحان مِنْ قوله: {حَسَنَةٌ}، لا يكاد يتمارى فيه، ولعل سبب ذلك أنه قال: {لَكُمْ أُسْوَةٌ} فأفاد ذلك مشروعية الاقتداء، فلما قال: {حَسَنَةٌ} بعد ذلك اقتضى زيادة على المشروعية، وليست تلك الزيادة إلا الرجحان، كما تقول: زيدٌ إنسان. فإن هذا كلامٌ مفيدٌ يفهم اللبيبُ منه بقولك: "إنسان" فوق ما يفهم من مدلول "إنسانٍ" من حيث هو، وهو أنه حاوٍ لخصال الإنسانية الشريفة، ولو لم يُفهم زيادةٌ على مدلولِ الإنسان - لم يُعَد الكلام مفيدًا؛ إذ كل زيدٍ إنسان.
قال: (وبالوجوب: بقوله تعالى: {فَاتَّبِعُوهُ} (?)، {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ