وقد سَفَّه علماء الأصول الدَّقَّاق ومَنْ قال بمقالته وقالوا: هذا خروج عن حكم اللسان، وانسلال عن مفاوضات الكلام، فإنَّ مَنْ قال: رأيت زيدًا - لم يقتض ذلك أنه لم ير غيره قطعًا.

قال إمام الحرمين: "وعندي أن المبالغة في الرد عليه سَرَفٌ؛ لأنه لا يُظَنُّ بذي العقل الذي لا ينحرف كلامُه عن سَنَن الصواب - أن يُخَصِّص بالذكْر مُلَقَّبًا مِنْ غير غَرَض" (?) (?). وحاصل ما اختاره إمام الحرمين أن التخصيص يتضمن غرضًا مبهمًا، ولا يتعيَّن انتفاءُ غيرِ المذكور (?). ثم قال: "وأنا أقول وراء ذلك: لا يجوز أن يكون مِنْ غرض المتكلم في التخصيص نَفْيُ ما عدا المسمَّى بلقبه، فإن الإنسان لا يقول: رأيت زيدًا، وهو يريد الإشعار بأنه لم يرَ غيره، فإنْ هو أراد ذلك قال: إنما رأيت زيدًا، أو ما رأيت إلا زيدًا" (?) هذا كلامه.

وحكى ابن بَرْهان في كتابه في أثناء المسألة مذهبًا ثالثًا عن بعض علمائنا: وهو التفرقة بين أسماء الأنواع وأسماء الأشخاص، فقال: "إنْ تَخَصَّص (?) اسمُ النوع بالذِّكْر دَلَّ على نَفْي الحكم عن غيره". ومَثَّل له ابن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015