وأما حفظه لشوارد اللغة فأمر مشهور، وكنت أنا أقرأ عليه كتاب "التلخيص" للقاضي جلال الدين (?)، في المعاني والبَيان، أنا وآخَرُ معي، ولم يكن فيما أظن وقف على "التلخيص" قبل ذلك، وإنما أقرأه لأجلي، وكنا نُحْكِم المطالعةَ قبل القراءة عليه، فيجيء فيستحضر من "مفتاح السَّكَّاكي" وغيرِه من كلام أهل المعاني والبيان، ما لم نَطَّلع عليه نحن، مع مبالغتنا في النظر قبل المجيء، ثم يُوَشِّح ذلك بتحقيقاته التي تُطْرِب العقول.
وكنت أقرأ عليه "المحصول" للإمام فخر الدِّين، و"الأربعين" في الكلام له، و"المُحَصَّل" فكنت أرى أنه يحفظ الثلاث عن ظهر قلب.
وأما "المُهَذَّب" و"الوسيط" فكان في الغالب ينقل عبارتَهما بالفاء والواو، كأنه درس عليهما.
وأما "شرح الرافعي" الذي هو كتابنا، ونحن ندأب فيه ليلًا ونهارًا، فلو قلتُ كيف كان يستحضره - لاتَّهمني مَنْ يسمعني.