وقد هاج شوقي أن تغنت حمامة ... مطوقة ورقاء تصدح في الفجر

هتوف تُبكي ساق حر، ولا ترى ... لها دمعة يوماً على خدها تجري

تغنت بلحن فاستجابت لصوتها ... نوائح بالأصياف في فنن السدر

إذا فترت كرَّت بلحن شج لها ... يهيج للصب الحزين جوى الصدر

دعتهن مطراب العشيات والضحى ... بصوت يهيج المستهام على الذِّكر

فلم أر ذا وجد يزيد صبابة ... عليها، ولا ثكلى تبكي على بكر

فأسعدنها بالنوح حتى كأنما ... شربن سلافاً من معتقة الخمر

تجاوبن لحناً في الغصون كأنها ... نوائح ميت يلتدمن لدى قبر

بسرة واد من تبالة مونق ... كسا جانبيه الطلح واعتم بالزهر

فقلت: لقد هيجتن صباً متيماً ... حزيناً، وما منكن واحدة تدري

[وذكرتموني أم عمرو ومجمعاً .. غنينا به في سالف الدهر والعصر

فيالهف نفسي أن تناءت ديارها ... ويا لهفتي وجداً على أم ذا عمرو]

[وقال حميد بن ثور]:

وما هاج هذا الشوق إلا حمامة ... دعت ساق حر في حمام ترنماً

مطوَّقة خطباء تصدح كلما ... دنا الصيف، وانجاب الربيع فأنجما

عجبت لها أنى يكون غناؤها ... فصيحاً، ولم تفغر بمنطقها فما؟

الحر: فرخ الحمام. ويقال: الساق: الحمامة الذَّكر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015