أمر، فالميم قائمة، وقد ألبستها الحركة ففتحتها.

والعم أنه لا يوصل في الكلام إلى أن تجمع بين حرفين ساكنين البتة في موضع أخبرك به. وإنما امتنع الكلام من الجمع فيه بين ساكنين، أن الحرف إذا سكن سُكت عليه، ولم يتحرك به لسان ولا شفة. فإذا أردت أن تنقل لسانك وشفتك إلى أن يلفظ بحرف آخر. لم يمكنك ذلك دون تحريك اللسان. فإذا تحرك اللسان تركت الجمع بين ساكنين. ألا ترى أنك لو أردت أن تلفظ بمحمد، على أن تسكن الحاء منه، لم تقدر على ذلك؛ لأن الحاء، إن سكنت والميم بعدها ساكنة، لم يمكن ذلك؛ لأنك لو قلت: مُح، لم تقدر أن تذكر الميم حتى تضم شفتيك، وضم الشفتين ليس إلا بعلاج، والعلاج لا يكون إلا بتحرك.

ويجوز أن تجمع بين ساكنين في الوقف؛ لأن الساكن الأول أصله السكون، والثاني إنما يسكن لسكونك عليه، وذلك نحو قولك: زيد؛ فالياء أصلها السكون، والدال سكنت لأنك وقفت عليها، ولأنك لو وصلت كلامك تحركت، فكنت تقول: زيد يا فتى.

ويجتمع ساكنان في الكلام إذا كان الساكن الأول واواً ساكنة، أو ياء ساكنة، أو ألفاً ساكنة، وكان الساكن الثاني حرفاً مدغماً نحو قولك: ماء حار، فقد جمعت بين ساكنين: الألف والراء الأولى مدغمة. ومثله: أصيم، إذا صغرت أصم؛ فياء التصغير ساكنة، والميم المدغمة ساكنة.

وأما ابتداء الحروف فلا يكون إلا بالحركة؛ لأن اللسان يلطف ويجفو عن أن يلفظ بساكن؛ لأنه إذا ابتدأ بالحرف تحرك، فلا يجوز أن يكون متحركاً وساكناً في حال واحدة. كما لا يجوز أن يكون قائماً قاعداً في حال واحدة.

وأخف الحركات ما تباعدت حروفه بعضها من بعض؛ يدلُّك على ذلك أن الحروف إذا تدانت مخارجها لزمها الإدغام؛ لأنهم استثقلوا أن يخرجوا حرفاً من موضع، ثم يعودوا إلى ذلك الموضع فيخرجوا حرفاً آخر. ألا ترى أنك لا تكاد تجد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015