(عليك بذات الدين تربت يداك). ومعنى تربت يداك في اللغة، أي: افتقرت ولصقت بالتراب من شدة الفقر. والنبي - صلى الله عليه وسلم - لا يدعو على أحدٍ من المؤمنين. قيل له في ذلك أجوبة. والمختار منها جوابان: أحدهما أن يكون أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - الدعاء الذي لا يُراد به الوقوع كقولهم للرجل إذا مدحوه: قاتله الله ما أشعره! وأخزاه الله ما أعلمه! ولا 1/ 271 يريدون بذلك ذماً ولا دعاء عليه كقول امرئ القيس:
فقالت سباك الله إنك فاضحي ... ألست ترى السمار والناس من حولي
سباك الله: أبعدَك الله ولعنك. قال بعضٌ: أي سلط الله عليك من يسبيك من بلد إلى بلد. فهذا وإن كان ظاهره دعاء عليه، فقد قال بعض إنها قصدت به دعاء عليه في الحقيقة، وإنما هو على كلامهم. ومثله قوله أيضاً:
فهو لا تنمى رميتُه ... ماله لا عُد من نفره
يقول: إذا عُد نفرُه، أي قومُه لم يُعد منهم كأنه قال: قتله الله أماته الله. وكذلك قولهم: هوت أمه وهبلتْهُ وثكلَتْهُ أمه. قال كعب بن سعد الغنوي:
هوت أمه ما يبعث الصبح غادياً ... وماذا يواري الليلُ حين يؤوبُ