وكذلك قوله تعالى: {لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ} جاء به توكيداً.
وسأل ابن كيسان ثعلباً عن ذلك فقال: لم أدخل اثنين، وإلاهان اثنان؟ فقال: لإخراج الشك الذي يعترض في قلب الملحد، فأتى بلفظ اثنين في معنى واحد.
وقول القائل: قد أشهدت شاهدين اثنين، هو تأكيد ومبالغة. وقوله: عَدْلين، زيادة في التوكيد.
والعرب ربما جاؤوا بالحرف الذي لا يستعملونه توكيداً. وقد قرئ: {عَمَّا قَلِيلٌ} رفعاً؛ لم يُعملوا عن، وأعملُوا ما فرفعوه باسم ما. ومن قرأ: {عَمّا قليلٍ} بالجر، لم يُعمِلوا ما، وأعملوا عن، يريدون: عن قليلٍ.
ومنه قوله، عز وجل: {لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا}. فلو قال تعالى: وُعِدنا وآباؤنا، أجْزَى.
وكذلك: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى}. فلو قال تعالى: إنا نحي الموتى، لأجْزَى. جاء بنحن توكيداً.
كما قال، عز وجل: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ}، وإنما هو: إني أنا الله، فجاء بالنون توكيداً، وهي نون أخرى.
وكذلك: {إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ}. جاء بأنه توكيداً.
وكذلك: {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} مِنْ، جاء بها توكيداً.