قوله: {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا} لأن ما توكيد، والمعنى: من خطاياهم أغرقوا. ومنه قوله تعالى: {أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ} ما: توكيد أي الأجلين، ومثله: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ} ما: توكيد، والمعنى فبرحمة، ومثله: {أَيّاً مَا تَدْعُوا}، ومثله كثير.
قال الزجاج: في نصب بعوضة ثلاثة أقاويل، أجودها أن تكون (ما) زائدة، كأنه قال: أن يضرب بعوضة مثلاً، ومثلاً بعوضة، وما توكيد، ومثلها إلا في قوله: {لئَلاّ يَعْلَمَ} المعنى: لأن يعلم. ويجوز أن تكون ما نكرة فيكون المعنى: أن يضرب مثلاً شيئاً بعوضة. قال بعض النحويين: يجوز أن يكون معناه: ما من بعوضة إلى من فوقها. قال: والقولان الأولان قول النحويين القدماء. والاختيار عند جميع النحويين البصريين أن تكون ما لغواً، والرفع في بعوضة جائز في الإعراب، قال: ولا أحفظ قرأ به أحد أم لا. قال الجبائي المقرئ: قرأ به الأعرج.
قال الزجاج: فالرفع على إضمار: هو، كأنه قال: مثلاً الذي هو بعوضة، وهذا ضعيف عند سيبويه.
وما قد تجيء صلة في كلام العرب وأشعارها، قال عنترة:
يا شاة ما قنص لمن حلَّت له ... حرمت علي وليتها لم تحرم
قال ابن الأنباري: ما صلة للكلام، والمعنى: يا شاة قنصٍ.