قال قُطْرُب: إنّما سُمّيَ القُرآن قُرآناً لأنَّ القارئ يُظْهِرُهُ ويبينُهُ ويُلْقيه مِنْ فيه، أُخِذَ مِنْ قَوْلِ العَرَبِ: ما قرأتْ النَّاقَةُ سَلَيّ قَطّ، أي: ما رَمَتْ بِوَلَدٍ.
قال حميد بن ثور:
أراها غلاماها الخلا فتشذرتْ ... مراحاً ولم تقرأ جنيناً ولا دما
أي: لَمْ تَرْمِ بجنينٍ ولا دمٍ.
تَشَذَّرَتْ: حَرَّكَتْ رَاسَها مَرَحاً ونَشَاطاً للرّاعي.
وقولهم: قَرَأتِ المرأةُ دَماً
وهي تَقْرَأُ قُرْءاً، وأقْرأتْن أي: حاضَتْ، وهي تَقْرَأ إقراءً، وهي مَقْروّن ولا يُقالُ ذلك إلا للمرأةِ خاصةً إذا حاضَتْ.
ويقالُ للمرأةِ: قَعَدَتْ أيَّام قرائِها، وللنّاقةِ أيّامَ قُرْئِها، وذلك أوَّلَ ما تَحْمِلُ حتى يَستَبْيِنَ حَمْلُها، فإذا اسْتَبَان ذَهَبَ عنها اسْمُ القُرْء.
والقُروءُ مُخْتَلَفٌ فيه، قيل: هو الحَيْضُ، وهي الثلاثُ الحَيِضُ التي تَعْتدُّها المرأةُ، وهي لُغَةُ مَنْ يقولُ: ثلاثَةُ عُدول وثلاثَةُ شُروح، حُجَّتُهُمْ قولُ النبي صلى الله عليه وسلم للسائلة "إذا أقْبَلَتْ الحَيْضَةُ تَدَعِي لها الصّلاةَ أيّامَ أقْرائِكِ، فإذا أدْبَرّتْ فاغْتَسِلي وصَلِّي".
وقيل: القُروءُ: الطُّهْرُ، وحُجَّتُهُمْ قولُ الأعشى:
وفي كل عام أنت جاشم غزوةٍ ... تشد لأقصاها عزيم عزائكا
مورثةٌ عزاً وفي الحي رفعةً ... لما ضاع فيها من قروءِ نسائكا