كقول أبي النجم:

مستأسداً ذبانه في غيطل ... يقلن للرائد: أعشبت انزل

ولم يقل الذبان شيئاً من ذلك، ولكنه دل على نفسه بطنينه، ودل مكانه على المرعى؛ لأنه لا يجتمع إلا في عُشب، فكأنه قال للرائد: أعشبت فانزل.

وكقول الآخر:

ولقد هبطت الواديين فوادياً ... يدعو الأنيس بها الغضيض الأبكم

والغضيض الأبكم: الذباب. يريد: أنه يطن فيدل طنينه على النبات والماء، فكأنه دعاء منه.

وأما قوله تعالى: {قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ}؛ فإن هذا، على ما ذكره أبو عبيدة، مجاز الموات والحيوان الذي يشبه تقدير [فعله] بفعل الآدميين.

وقال الجنابي: قال بعضهم: أنثا بمن فيهما من الخلق، فغلب المذكر المؤنث. وقال بعضهم: أجرامها مجرى الآدميين في الطواعية، كما قال تعالى: {وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا}؟ والجلود مؤنث، ولم يقل: شهدتن؛ لأنه أجراها مجرى الآدميين.

ومثل هذا في اللغة والشعر موجود، يقولون: أصابنا وابلون، في [الوابل]،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015