فلمَ لا يكونُ تعبُنا محقِّقًا لنتيجةٍ ... ؟! نتيجةٍ عظيمةٍ، لا تزولُ ولا تحولُ، إنَّها الجنَّةُ، الجنَّةُ التي لم ترَ عينٌ ولم تسمعْ أُذنٌ ولم يخطرْ على قلبِ بشرٍ نعيمُها.
ومن كان تعبُه للدُّنيا كثيرًا فتعبُه للآخرةِ قليلٌ، ومن هذه حالُه؛ ضَحِكَ قليلاً، وبكى كثيرًا.
إنَّ الناسَ اليومَ قد قصَّروا كثيرًا في طلبِ الآخرةِ، وأكبُّوا على الدُّنيا وتعبوا في طلبِها. فكم من عبدٍ يسهرُ ليلَه في التفكيرِ في مشروعِه التجاريِّ، ويقومُ الفجرَ لمتابعةِ بنيانِه أو تجاراتِه. وكم من شابٍّ وشابةٍ يقومان قبلَ الفجرِ للمذاكرةِ للامتحانِ!! ولكنَّهم ينامون ملءَ جفونِهم عن صلاةِ الفجرِ، بل ولا يفكَّرون أن يقوموا من الليلِ ساعةً أو عشرَ ساعةٍ. إذا لم يستدعِهم إلى القيامِ شيءٌ من أمورِ الدُّنيا.
لقد قصَّرَ الناسُ في هذه الأيامِ في طاعةِ ربِّهم!! ومن مشاهِدِ هذا التقصيرِ، التقصيرُ في صلاةِ الفجرِ.. فلا تكاد ترى شابًّا مستيقظًا مع الأذانِ لصلاةِ الفجرِ يريد أن يُدركَ تكبيرةَ الإحرامِ أو يدركَ ركعتي الفجرِ التي هي خيرٌ من الدُّنيا وما فيها. فضلاً على أن ترى شابًّا صافًّا قدميه في مصلَّاه قبلَ الفجرِ بساعةٍ يرجو رحمةَ ربّهِ ويحذرُ الآخرةَ، يُناجي مولاه ويشكو إليه حالَه وفقرَه وضَعفَه، ويسألُه من خيرِ الدُّنيا والآخرةِ.
إنَّ هذا التقصيرَ في صلاةِ الفجر وحضورِها، وهذا التفريطُ في قيامِ الليلِ الذي هو خيرُ عبادةٍ بعدَ الفرائضِ، جعلني أحاولُ نصحَ إخواني وأخواتي خلالَ هذه الرسالةِ لنناقشَ معًا أسبابَ هذا التقصيرِ، وكيفيةَ تحاشيه، لعلَّ اللهَ أن يرفعَ عن هذه الأمةِ ما حلَّّ بها من الفُرقةِ والفتنِ، أو يقبضنا على خيرٍ ويلحقنا بالصَّالحين.
وسأتناولُ في رسالتي هذه النقاطَ التاليةَ:
- تهاونَ النّاس في صلاةِ الفجرِ.
- الترغيبَ في حضورِ الفجرِ جماعةً والترهيبِ من تركِها.
- فضلَ قيامِ اللَّيلِ.