وهذا ليس كلُّ ما يناله أصحابُ قيامِ الليلِ من خيرِ الدُّنيا بل جزءٌ منه وما عندَ اللهِ خيرٌ، ولكني ذكرتُه ليستحضرَه المؤمنُ حين يغالبه الشيطانُ ويكسله ويأمره بالنومِ والتفريطِ في القيامِ، فإنَّ استحضارَه آنذاك منفعةٌ عظيمةٌ مجديةٌ لمن كان له قلبٌ أو ألقى السمعَ وهو شهيدٌ.
أمَّا ما ينالُه أصحابُ القيامِ في الآخرةِ فأعظمُ وأعظمُ، بل لا يساوي ما ناله في الدُّنيا شيئًا بجانِبِه، ومما يناله القائمُ في الآخرةِ:
1- رضا اللهِ سبحانه وتعالى، فإنَّ اللهَ يضحكُ للعبدِ يتركُ فراشَه الوثيرَ وزوجَه الحسناءَ يقوم يصلِّي وقد وردَ ذلك في الحديثِ، عن أبي الدرداءِ- رضي اللهُ عنه- قال: قال رسولُ الله –صلى اللهُ عليه وسلم-: (ثلاثةٌ يحبُّهمُ اللهُ ويضحكُ إليهم ويستبشرُ بهم.. وذكرَ منهم والذي له امرأةٌ حسناءُ وفراشٌ لينٌ حسنٌ فيقومُ من الليلِ، فيقول: يذر شهوتَه ويذكرني ولو شاء رقد) رواه الطبراني وقال المنذري إسناده حسن.
وضَحِكَه دليلُ رضاه، جعلنا اللهَ وإيَّاكم ممن تقرُّ أعينُهم برؤيةِ ربِّهم ورضاه وضَحِكِه. كما أنَّ اللهَ يَعجب ويباهي الملائكةَ بقائمِ الليلِ: فعن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ –رضي اللهُ عنه- قال: قال رسولُ اللهِ -صلى اللهُ عليه وسلم- (عجب ربُّنا من رجلين: رجلٍ ثار عن وطائِه ولحافِه من بين حبِّه وأهلِه إلى صلاتِه فيقول اللهُ لملائكتِه: انظروا إلى عبدي ثارَ عن فراشِه ووطائِه من بين حبِّه وأهلِه إلى صلاتِه رغبةً فيما عندي وشفقةً مما عندي) رواه الطبراني والبيهقي وابن حبان وصححه الألباني والأرنؤوط.