وبُعدُ الناسِ عن دينهم شرٌ لهم، ووبالٌ عليهم، وتقرُّبهم إلى اللهِ بالطاعاتِ وعملِ الخيراتِ والحرصِ عليها خيرٌ لهم، ونجاةٌ من عذابِ اللهِ وسخطِه، ولن يزيدوا في مُلكِ الله شيئًا؛ إنما يُنقذون أنفسَهم من النَّارِ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) [التحريم:6]
ولقد اقتضت حكمةُ العليم ِالخبيرِ أن يخلقَ الجنةَ والنارَ، ويخلقَ لكلٍّ أهلاً؛ فأهلُ الجنةِ هم أهلُ الطاعةِ والإيمانِ، وأهلُ النارِ هم أهلُ الكفرِ والفسوقِ والعصيانِ، وذلك غايةُ العدلِ من اللهِ، فما كان اللهُ ليُضيعَ إيمانَ المؤمنين، ويُهملَ الكفارَ دون عقابٍ ولا جزاءٍ.
ولكنَّ اللهَ سبحانه إذ خلق جنَّتَه وجعل لدخولِها عملاً؛ جعل هذا العملَ ميسورًا سهلاً وهو كذلك لمن يسَّره اللهُ عليه، وأخذَ بأسبابِه، أما مَن اتَّبعَ هواه، واقتفى أثرَ الشيطانِ، وتمنَّى على اللهِ الأمانيَّ؛ فليس بميسورٍ، إلا أن يتوبَ إلى اللهِ، ويحاربَ الشيطانَ بكلِّ الوسائلِ التي يستطيعها.
والعملُ الصالحُ ينقسمُ قسمين:
قسمٌ لا ينفكُّ المسلمُ عنه، فلا بدَّ من الإتيانِ به، ولا يُعذَرُ المرءُ بتركِه، وهذا عليه المعوَّلُ في دخولِ الجنَّةِ والنجاةِ من النَّارِ، وذلك كالإيمانِ باللهِ سبحانَه، وملائكتِه، وكتبِه، ورسلِه، واليومِ الآخرِ، وبالقدرِ خيرِه وشرِّه، وإقامةِ الصلاةِ، وإيتاءِ الزكاةِ، وصومِ رمضانَ، وحجِّ بيتِ اللهِ الحرامِ لمن استطاعَ إليه سبيلاً.