ويكشفُ القرآنُ عن مشهدٍ آخرَ يبيِّنُ حالَ هؤلاءِ بأنَّهم (كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) [الذاريات:17،18] وبأنهم (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا) [الفرقان:74] .
أخي.. أختي: لتعلما أنَّ هذه صفاتُ المؤمنين المحبين لربِّهم. فقد وصفهم اللهُ تنويهًا بعظم عَملِهم، ودلالة على أنَّ قيامَ الليلِ من أعظمِ القُربِ إلى اللهِ سبحانَه وتعالى، وكان أولَّ الموصوفين بهذا رسولُنا الكريمُ –صلى اللهُ عليه وسلم- قال تعالى: (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ) [المزمل:20]
فلَنَا في هؤلاء أسوةٌ حسنةٌ (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) [الأحزاب:21]
ولأجلِ أن تحبَّ قيامَ الليلِ وترغبَ في أدائِه والمحافظةِ عليه؛عليك أن تبحثَ في فضلِه ومنزلتِه عند اللهِ، ولأجلِ أن لا تتكلَّفَ البحثَ فقد جمعت لك عددًا من الأحاديثِ الثابتةِ عن رسولِ الله – صلى اللهُ عليه وسلم- في فضلِ قيامِ الليلِ، وذلك مثلاً لا حصرًا:
1- عن أبي هريرةَ –رضي اللهُ عنه- قال: قال رسولُ اللهِ – صلى اللهُ عليه وسلم-: (أفضلُ الصيامِ بعدَ رمضانَ شهرُ اللهِ المحرمُ، وأفضلُ الصلاةِ بعد الفريضةِ صلاةُ الليلِ) رواه مسلم.
2- عن عبدِ اللهِ بن عمرِو بن العاصِ –رضي اللهُ عنهما- أنَّ رسولَ الله-صلى اللهُ عليه وسلم- قال: (أحبُّ الصلاةِ إلى اللهِ صلاةُ داوودَ، كان ينامُ نصفَ الليلِ ويقومُ ثلثَه وينامُ سدسَه، ويصومُ يومًا ويفطر يومًا) متفق عليه.