جَابِرٍ؟ " فَقَام جَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ. فَانْطَلَقْنَا إلى البِئرِ، فَنَزَعْنَا فِى الحَوْضِ سَجْلاً أوْ سَجْلَيْنِ. ثُمَّ مَدَرْنَاهُ. ثُمَّ نَزَعْنَا فِيهِ حَتَّى أفْهَقْنَاهُ. فَكَانَ أوَّلَ طَالِعٍ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " أتَأذَنَانِ؟ " قُلْنَا: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللهِ، فَأشْرَعَ نَاقَتَهُ فَشَرِبَتْ. شَنَقَ لَهَا فَشَجَتْ فَبَالَتْ، ثُمَّ عَدَلَ بِهَا فَأنَاخَهَا. ثُمَّ جَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الحَوْضِ فَتَوَضَّأ مِنْهُ ثُمَّ قُمْتُ فَتَوَضأتُ مِنْ مُتَوَضَّأ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَذَهَبَ جَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ يَقْضِى حَاجَتَهُ. فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وقوله: " فنزعنا فى الحوض سجلاً أو سجلين ": قال صاحب الأفعال: نزعت الدلو: جريتها، ونزعت بالسهم: رميت به، ونزعت بآية من القرآن: أى تلوتها محتجاً بها. قال الهروى (?): والسجل: الدلو ملأى.

وقوله: " أفهقناه ": أى ملأناه. والفهق: الامتلاء، يقال: أفهقت الإناء ففهق، وبئر مفهاق: أى كبيرة.

قال القاضى: وقع فى رواية السمرقندى: " حتى أضففناه " وهو صحيح المعنى. قيل: معناه: ملأناه، كأنه - والله أعلم - بلغنا بالماء ضفتيه وهما جانباه، أو جمعنا فيه الماء. وضفة الناس: جماعتهم بفتح الضاد.

وقول النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لهما: " أتاذنان " قلنا: نعم، هو - والله أعلم - لأنهما كانا أحق بالماء أولاً لأنفسهما وظهرهما لسبقهما إلى الماء، واستقائهما إياه، وعملهما الحوض لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من يتقدمنا فيمدر الحوض فيشرب ويسقينا " فلما كان هو أول طالع عليهما احتاج إلى إذنهما فى تقديمه، وإن كان - عليه السلام - تقديمه واجباً فى كل شىء، ولكن هذه الحقوق المالية حائزها بالملك أو بالسبق أحق بها، مع علمه - عليه السلام - بتقديمها له وإيثاره على أنفسهما، لكنه أخذ بأفضل الأخلاق واستعمل من الآداب الشرعية والنفيسة ما يقتدى به فيها.

وقوله: " فأشرع ناقته "، قال الإمام: يقال: شرعت الدواب فى الماء: إذا شربت منه وأشرعتها أنا [منه] (?).

وقوله: " فشنق لها ": يقال: شنقت الناقة وأشنفتها: كففتها بزمامها.

قال القاضى: شرع الرجل الماء: ورده، ويختص الشروع بالشرب بالفم من الماء بغير آنية ولا آلة. وشنقت البعير: إذا جذبت خطامه إليك وأنت راكبه. وقال فى الجمهرة (?): شنقت الناقة: إذا جذبت رأسها بذمامها حتى تقارب قفاها قادمة الرحل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015