(3007) قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ أنَا: يَا عَمِّ، لَوْ أنَّكَ أخَذْتَ بُرْدَةَ غُلامِكَ وَأعْطَيتَهُ مَعَافِريَّكَ، وأخَذْتَ مَعَافِريَّهُ وَأعْطَيْتُه بُرْدَتَكَ، فَكَانَتْ عَلَيْكَ حُلَّةٌ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ. فَمَسَحَ رَأسِى وَقَالَ: اللَّهُمَّ، بَارِكْ فِيهِ. يَا ابْنَ أخِى، بَصَرُ عَينىَّ هَاتَيْنِ، وَسَمْعُ أذُنىَّ هَاتَيْنِ، وَوَعَاهُ قَلْبِى هَذَا - وَأشَارَ إلى مَنَاطِ قَلْبِهِ - رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُو يَقُولُ: " أطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأكُلُونَ، وَألبِسُوهُمْ مِمَّا تَلْبَسُونَ ". وَكانَ أنْ أعْطَيْتُهُ مِنْ مَتَاعِ الدُّنْيَا أهْوَنَ عَلَىَّ مِنْ أنْ يَأخُذَ مِنْ حَسَنَاتِى يَوْمَ القِيَامَةِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وأكثر أهل العربية لا يجيزون فيه غير الكسر. وحكى أبو عبيد عن الكسائى: كل يمين ليس فيها واو قسم - يعنى أو أخواتها - فهى نصب، إلا فى قولهم: الله لا آتيك، فإنه خفض. وذلك أن القسم فيه عندهم معنى الفعل، أى أقسم وأحلف والله أو بالله، فإذا حذفوا حرفه عمل الفعل عمله.
وقوله: " فأشهد بصر عينى "، قال القاضى: كذا رواه الرواة بفتح الصاد وضم الراء، وكذا [" سمع أذنى " بسكون الميم. قال سيبويه: العرب تقول] (?): سمع أذنى زَيدًا، ورأى عينى يقول ذلك ويفعل ذلك، وأنشدوا:
ورأى عينى الفتى أخاك ... يعطى الجزيل فعليك ذاك
وعند العذرى: " بصَر عينى " بفتح الصاد وفتح الراء و " عيناى " بالرفع. وكذا " سمع أذناى " بكسر الميم على الفعل، لكن قوله: " ووعاه قلبى " تحول بين الفعل ومفعوله، وهو قوله بعد: " رسول الله ".
وقوله: " وأشار إلى نياط قلبه " هذه رواية العذرى، ولغيره " مياط " بالميم. ونياط القلب: عرق معلق منه، قاله صاحب العين.
وقوله: " ولو أخذت بردة غلامك وأعطيته معافيرك، وأخذت معافرته وأعطيته برديك فكانت عليك حلة وعليه حلة ": كذا رويناه عن الجميع، وكذا هو فى سائر النسخ والأصول التى رأيت، والروايات الواقعة لنا، وقد نبهنا على اختلال (?) الرواية فيه بعض شيوخنا وقال: لعله: " لو أخذت معافرته وأعطيته برديك لأن مفهوم الكلام إنما أراد أن يكون على كل واحد بردتان أو معافرتان وهذا إنما يستقيم بأو كما قال. وأما بواو العطف فيقتضى أن بيدك كل واحد ما عليه من برد ومعافرى بما على الآخر ولا ثمرة لهذا ولا فائدة.