جِبْرِيلُ، مَا هَذَا؟ قَالَ: هَذَا الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ، يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، إِذَا خَرَجُوا مِنْهُ لَمْ يَعُودُوا فِيهِ آخِرُ مَا عَلَيْهِمْ، ثُمَّ أُتِيتُ بِإِنَاءَيْنِ أَحَدُهُمَا خَمْرٌ والآخَرُ لَبَنٌ، فَعُرِضَا عَلَىَّ، فَاخْتَرْتُ اللَّبَنَ. فَقِيلَ: أَصَبْتَ، أَصَابَ اللهُ بِكَ، أُمَّتُكَ عَلَى الْفِطْرَةِ. ثُمَّ فُرِضَتْ عَلَىَّ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسُونَ صَلاةً " ثُمَّ ذَكَرَ قِصَّتَهَا إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وقوله: فى موسى - عليه السلام -: " فبكى "، وقوله: " رجل، يدخُلُ من أمته الجنة أكثر من أمتى "، بكاؤه هذا إشفاق على قومه وأمته، وما تقدَّم من ضلالهم وعدم توفيقهم وهدايتهم، وما فاته من ثواب كثرة من يؤمن به منهم، ومن ذريتهم، ويُدَّخَرُ له (?) [من أجورهم] (?) لذلك، لو وفقهم الله.

وقوله: " ففَرض علىَّ فى كل يوم وليلة خمسين صلاةً " ثم ذكر مراجعته ربَّهُ حتى ردَّها إلى خمس صلوات، قال الإمام: هذا يُستَدلُّ به على من منع نسخ الشىء قبل فعله، إذ لم تفعل من هذه الصلوات شىء بعد (?).

قال القاضى: ذكر مسلم فى حديث ثابِتٍ عن أنسٍ أنَّه حطَّ عنه أولاً خمس صلوات، ثم لم يزل يرجع بين ربه وبين موسى حتى قال: يا محمد، إنَّها خمس، وذكر من رواية الزهرى عن أنس أنه حطَّ أوَّلاً من الخمسين شطرها، ثم ردَّها إلى خمسٍ، وقد ذكر البخارى الحديثين جميعاً (?).

وقد يجمع بينُهما أن يجعَل الشطر فى الحديث الآخر بمعنى الجزء لا بمعنى النصف، وإن كان أصله النصف فقد يعَبَّر به عن غير النصف، كما قالوا: أشطارُ الناقة، وهى أربع (?) وأشطار (?) الدهر، وهى كثيرة (?).

واختصاص نبينا [صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] (?) بموسى (?) فى هذه القصة لأنه كما قال: وجده فى السماء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015