وَقَالَ فِى الحَدِيثِ: وَحَدَّثَ نَبِىُّ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رَأَى أَرْبَعَةَ أَنْهَارٍ يَخْرُجُ مِنْ أَصْلِهَا نَهْرَانِ ظَاهِرانِ وَنَهْرَانِ بَاطِنَانِ " فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ، مَا هَذِهِ الأَنْهَارُ؟ قَالَ: أَمَّا النَّهْرَانِ الْبَاطِنَانِ فَنَهْرَانِ فِى الجَنَّةِ، وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ فَالنِّيلُ وَالفُرَاتُ، ثُمَّ رُفِعَ لِىَ الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ، فقُلْتُ: يا

ـــــــــــــــــــــــــــــ

الجماعات (?). قال غيره: فكأنه قال: فإذا رجل عن يمينه جماعة وعن يساره جماعةٌ، والسَّواد - أيضاً - الشخص، يقال: لا يفارق سوادُك سوادى، أى شخصك شخصى. قال القاضى: ذكر فى الحديث نفسه أن الأسْوِدة نسَمُ بنيه، فأهل اليمين أهل الجنة، فلذلك قال: " إذا نظر إليهم ضَحِك " وذكر أن أهل الشمال أهل النار، فلذلك قال: " إذا نظر إليهم بكى ".

والنسمُ جمع نَسَمة، قال الخطابى: وهى تفسير الإنسان، يريد أرواح بنى آدم، وذكر أنَّه وجد آدمَ فى السماء الدنيا ونسم بنيه من أهل الجنة والنار، وقد جاء أن أرواح الكفَّار فى سجين (?)، قيل: فى الأرض السابعة، وقيل: تحتها، وقيل: فى سجن، وأن أرواح المؤمنين مُنعَّمةٌ فى الجنة، فتُحمل أنها تُعرَض على آدمَ أوقاتاً فوافق وقت عرضها مرور النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ به، ويحتمل أن كونهم فى النار والجنة أوقاتًا دون أوقاتٍ، بدليل قوله تعالى: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غدُوًّا وَعَشِيًّا} الآية (?)، وبقوله فى المؤمن: " وعُرض منزله من الجنة عليه هذا مقعدك حتى يبعثك اللهُ إليه " ويحتمل أن الجنة كانت فى جهة يمين آدم، والنار فى جهة شماله، وكلاهما حينئذ حيث يشاء الله.

وفيه دليل على وجود الجنة والنار، وخلقهما على ما ذهب إليه أهل السنة والحديث، وأن الجنة فى السماء أو فوقها وجهتها على ما جاءت به ظواهر الأحاديث وأن العرش سقفها.

وقوله فى ذكر الأنهار الأربعة، وأنه رآها تخرج من أصلها، كذا جاء فى الأم، أى من أصل سدرة المنتهى، وكذا جاء مُبينًا فى البخارى (?). وقوله: " وأما النهران الظاهران (?) فالنيل والفرات ": يُشْعِرُ أن أصْلَ سدرة المنتهى فى الأرض، والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015