خَدِيجَةَ فَقَالَ: " زَمِّلُونِى زَمِّلُونِى " فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ. ثُمَّ قَالَ لِخَدِيجَةَ: " أَىْ خَدِيجَةَ، مَا لِى " وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ، قَالَ: " لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِى ". قَالَتْ لَهُ خَدِيجَةَ: كَلا، أَبْشِرْ، فَوَاللهِ، لا يُخْزِيكَ اللهُ أَبَدًا. وَاللهِ، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ،

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وقوله: " ترجف بوادره ": قال الإمام: ترجُف: أي ترعدُ [بوادره وتضطرب] (?) والبوادر من الإنسان وغيره: اللحمة التى بين المنكب والعنق (?). قاله أبو عبيد فى الغريب المصنف. [وقوله: " زملونى ": أى دثرونى بالثياب] (?).

قال القاضى: قد رواه فى الأم - أيضاً - فى الحديث الآخر: " يرجُفُ فؤاده " وذكره البخارى - أيضاً - أى يخفق، والرجفان: الاضطرابُ وكثرةُ الحركة ومنه: {يَوْمَ تَرْجُفُ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ} (?)، وهذا هو سبب طلبه أن يُزَمَّل ويُدثَّر، أى يُغَطَّى وَيُلفُّ بالثياب، لِشدَّة ما أصابه من هول الأمر، ولحقه من شِدَّة الغطِّ وثِقَلِ الوحى، وإن كان قد قال بعض المفسرين: إنه إنما كان يفعل هذا فَرقًا من جبريل لأول ما يلقاهُ حتى أنس به، وقيل: بل قيل له: يا أيها المدَّثر والمزمِّل لأنه حين أتاه الملك وجده متزملاً ملتفاً بثوبه فنودى بصفة حاله. والأول أصح وأولى لفظاً ومعنًى. والتزمُّل والتدثر واحدٌ.

ويقال لكل ما يلقى على الجسد: دثارٌ، ولِلفَافَةِ القربهِ: زمالٌ، ومعنى المزَّمِّل والمدثر: المتزمّلُ والمتدثرُ، أدغَمت التاء فيما بعدها، وقد جاء فى أثر أنهما من أسمائه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (?).

وقوله: " لقد خشيتُ على نفسى ": ليس بمعنى الشك فيما أتاه من الله، لكنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015