(11) باب براءة حرم النبىّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الريبة

59 - (2771) حدّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ؛ أَنَّ رَجُلاً كَانَ يُتَّهَمُ بِأُمِّ وَلَدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِىٍّ: " اذْهَبْ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ " فَأَتَاهُ عَلِىٌّ فَإِذَا هُوَ فِى رَكِىٍّ يَتَبَرَّدُ فِيهَا. فَقَالَ لَهُ عَلِىٌّ: اخْرُجْ. فَنَاوَلهُ يَدَهُ فَأَخْرَجَهُ، فَإذَا هُوَ مَجْبُوبٌ لَيْسَ لَهُ ذَكَرٌ، فَكَفَّ عَلىُّ عَنْهُ. ثُمَّ أَتَى النَّبِىَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ لَمَجْبُوبٌ. مَا لَهُ ذَكَرٌ.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وقوله: إن رجلاً كان يتهم بأم ولد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال لعلى: " اذهب فاضرب عنقه " الحديث، قال الإمام: الظاهر أن هذا الحديث فيه حذف بسط السبب، فلعله ثبت عنده بالبينة ما أوجب قتله، فلما رأى علىّ كونه مجبوباً أبقاه ليراجع النبى - عليه السلام - فيه، ولم يذكر ما قال النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعلى، ولو ذكر السبب الموجب لقتله وجواب النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعلى لعلم منه وجه الفقه، ولعل الرجل - ايضاً - كان منافقاً ممن يحل قتله، فيكون هذا السبب محركاً على قتله.

قال القاضى: قد نزه الله حرمة النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يثبت شىء من ذلك فى جهتها، والخبر معلوم أنه كان قبطياً، وكان يتحدث إليها بحكم الجنسية (?) فتكلم فى ذلك، ولم يأت أنه أسلم، وأن النبى نهاه عن التحدث إليها، فلما خالفه استحق بذلك القتل؛ إما للمخالفة أو لتأذى النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسببه، ومن آذى النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشىء ملعون كافر استحق (?) القتل.

ويحتمل أن النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علم براءته، وكونه مجبوباً، وأمر علياً بما أمره به لما ذكر له هو أو غيره خلوه ليتجلى أمره وترتفع تهمته.

ويحتمل أنه كان قد أوحى إليه أنه لا يقتله، وينكشف له من حاله ما يبين أمره، وأنه فى الركى (?) متجردًا، إلا أنه أمره بقتله حقيقة، بل قال له ذلك وهو يعلم أنه لا يقتله لما تبين له من براءته كما قال فى الحديث الآخر: " احثُ فى أفواههم التراب " (?) وقد قالت عائشة له: ما أنت بفاعل، ففهمت أن النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يرد ما قاله، بل على طريق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015