فَكَبُرَا عَلَىَّ وَأَهَمَّانِى، فَأَوحِىَ إِلَىَّ أَن انْفُخْهُمَا، فَنَفَخْتُهُمَا فَذَهَبَا، فَأَوَّلْتُهُمَا الْكَذَّابَيْنِ اللَّذَيْنِ أَنَا بَيْنَهُمَا: صَاحِبَ صَنْعَاءَ، وَصَاحِبَ الْيَمَامَةِ ".

23 - (2275) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ أَبِى

ـــــــــــــــــــــــــــــ

الآخر: " فأولتهما الكذابين الذين أنا بينهما: العنسى صاحب صنعاء، ومسيلمة صاحب اليمامة ": هذا يبين أن النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نص على اسمهما، وفى غير هذه الرواية أن النص على اسمهما من الراوى.

وقوله: " بعدى " وقد كانا فى زمنه - عليه السلام - إشارة إلى إظهار ارتدادهما بعد، ومحاربتهما المسلمين ودعواهما النبوة. وإنما يؤول (?) ذلك - والله أعلم - فيهما لما كانا السواران (?) فى اليدين جميعًا من الجهتين، وكان حينئذ النبى - عليه السلام - بينهما، وتأول السوارين على الكذابين ومن ينازعه الأمر غير موضعهما؛ إذ هما من حلى النساء، وموضعهما أيديهن لا أيدى الرجال. وكذلك الكذب والباطل هو الأخبار بالشىء على غير ما هو به ووضع الخبر على غير موضعه، مع كونها من ذهب وهو حرام على الرجال، ولما فى اسم السوارين من لفظ السوء لقبضهما على يديه، وليستا من حليته، [فأهمه ذلك كله] (?) لهذا.

وتأول ذلك قبض هذين الكذابين بعض نواهيه أوامره، ومنازعتهما نفوذ ذلك فى جهتيهما، ونفخه فيهما فطارا، دليل على اضمحلال أمرهما من سببه وريح نصره وأمره بذلك؛ لأن النفخ من هذا الباب كله؛ ولأن كونهما من ذهب فيه إشعار بذهاب أمرهما وبطلان باطلهما، ويقال: سوار وسوار وأسوار بضم الهمزة. فأما أساورة الفرس، وهم قوادهم، وقيل: المجيدون فى الرمى، فأسوار بالكسر والضم معاً.

وقوله: " وأوتيت خزائن الأرض " وفى غير مسلم: " وأتيت بمفاتيح خزائن الأرض " (?) يتأول على سلطانها ولملكها وفتح بلادها وخزائن أموالها، كما كان بحمد الله.

وقوله: كان إذا صلى الصبح أقبل علينا بوجهه فقال: " هل رأى أحد منكم البارحة [رؤيا] (?) ": وتقدم الكلام على هذا وما فيه من الفائدة. وفيه أن عبارة الرؤيا بعد الصبح وأول النهار أولى عندهم، اقتداءً بفعل النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولأن الذهن حينئذ أجمع؛ والقلب أجلى (?) قبل تلبسه باشتغال النهار والفكرة فى أخبار الدنيا؛ ولأن الرائى لما رآه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015