(...) وحدّثناه قُتَيْبَةُ وَابْنُ رُمْح، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ. ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى فُدَيْك، أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ - يَعْنِى ابْنَ عُثْمَانَ - كِلاهُمَا عَنْ نَافِعٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. وَفِى حَدِيثِ اللَّيْث: قَالَ نَافِعٌ: حَسِبْتُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: " جُزْءٌ مِنْ سَبْعِين جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ ".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وأحد فوائدها، وهو فى جنب فوائد النبوة والمقصود بها يسير؛ لأنه يصح أن يبعث نبى ليشرع الشرائع، ويبين الأحكام، ولا يخبر بغيب أبدًا، ولا يكون ذلك قادحًا فى نبوته، ولا مبطلاً للمقصود منها. وهذا الجزء من النبوة - وهو الإخبار بالغيب - إذا وقع فلا يكون إلا صدقاً ولا يقع إلا حقًّا.
والرؤيا بما (?) دلت على شىء ولم يقع ما دلت عليه، إما لكونها من الشيطان، أو من حديث النفس، أو من غلط العابر فى أصل العبارة، إلى غير ذلك من الضروب الكثيرة التى توجب عدم الثقه بدلالة المنام. فقد صار الخبر بالغيب أحد ثمرات النبوة وهو غير مقصود فيها، ولكنه لا يقع إلا حقًّا وثمرة المنام الإخبار بالغيب، ولكنه قد لا يقع صدقاً فتقدر النسبة فى هذا بقدر ما قدره الشرع بهذا العدد، على حسب ما أطلعه الله تعالى عليه، ولأنه يعلم من حقائق نبوته ما لا نعلمه (?) نحن.
وهذا الجواب وإن كان فيه ملاحظة لما قدمناه من الجواب الثانى عن بعض أهل العلم، فإنهم لم يكشفوه لهذا، ولا بسطوه هذا البسط (?).
وأما اختلاف الروايات فى هذا القدر، ففى كتاب مسلم: " خمسة "، وفيه: " ستة "، وفيه: " جزء من سبعين جزءاً من النبوة ". وقد أشار الطبرى إلى أن هذا الاختلاف راجع إلى اختلاف حال الرائى، فالمؤمن الصالح تكون نسبة رؤياه من ستة وأربعين، والفاسق سبعين؛ ولهذا لم يشترط فى رواية السبعين فى وصف الرائى ما اشترط فى وصف الرائى فى الحديث المذكور فيه ستة وأربعين، فقد قال فى بعض طرق مسلم: " رؤيا الرجل الصالح جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة "، هان كان قد أطلق فى بعض طرقه فقال: " رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين "، وقال فى السبعين: " الرؤيا الصالحة جزء من سبعين جزءًا من النبوة "، ولم يشترط كون الرائى صالحاً.
وقد يحمل مطلق قول الرؤيا الصالحة جزءًا من ستة وأربعين على أن المراد به إذا كان (?) من رجل صالح، بدليل الحديث الآخر.