. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
القائل [وإرشاده لموضع الصواب؛ إذ ظن به أنه خفى عليه] (?).
قال القاضى: ذكر من لا تحقيق له أن الدهر اسم من أسماء الله، وهذا جهل من قائله، وذريعة إلى مضاهاة قول الدهرية والمعطلة. والمعنى فيه ما تقدم، ويفسره الحديث الآخر نفسه بقوله: " فإنى أنا الدهر، أقلب ليله ونهاره "، وهذا هو معنى ما أشار إليه المفسرون من أن فاعل ذلك فى الدهر هو الله - عز وجل، والدهر مدة زمان الدنيا.
قال بعضهم: هو أحد مفعولات الله تعالى، وقيل: بل هو فعله، كما قيل: أنا الموت، وكما قال تعالى: {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوه} (?) وإنما رأوا أسبابه وقد شبه جهلة الدهرية وكفرة المعطلة بهذا الحديث على من لا علم عنده، ولا حجة لهم فيه؛ لأن الدهر عندهم حركات الفلك، وأمد العالم ولا شىء عندهم سواه، ولا صانع عند القائلين بقدم العالم منهم سواه، فإذا كان عندهم هو المراد بالله، فكيف يصرف الدهر؟ ويقلب الشىء نفسه، تعالى الله عن كفرهم وضلالهم.
وقوله: " يؤذينى ابن آدم "، قال الإمام: هو مجاز، والبارى - تعالى - لا يتأذى من شىء، فيحتمل أن يريد: أن هذا عندكم إذا قاله بعضهم لبعض؛ لأن الإنسان إذا أحب آخر لم يصح أن يسبه لعلمه أن السب يؤذيه، والمحبة تمنع من الأذى، ومن فعل ما يكرهه المحبوب، وكأنه قال: يفعل ما أنهاه عنه، وما يخالفنى فيه، والمخالفة فيها أذى فيما بينكم، فيجوز فيها فى حق البارى - سبحانه.