5 - (...) وحدّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لا تَسبُّوا الدَّهْرَ، فَإِنَّ الله هُوَ الدَّهْرُ ".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أبو عبيد (?) والشافعى (?) وغيرهما (?) من المتقدمين والمتأخرين. وكان محمد بن داود الأصبهانى (?) يقول: إنما هو الدهر، بالنصب على الظرف، أى أنا مدة الدهر أقلب ليله ونهاره. وحكى هذه الرواية بالنصب أبو عمر بن عبد البر عن بعض أهل العلم (?). وقال ابن النحاس (?): يجوز النصب (?)، أى فإن الله باق مقيم أبداً لا يزول. وقال بعضهم (?): نصبه على الخصوص، والظرف أصح وأصوب.
وفى الحديث الآخر: " لا تسبوا الدهر، فإن الله هو الدهر "، قال الإمام: أما قوله: " فإن الله هو الدهر ": فإن ذلك مجاز، والدهر إن كان عبارة عن تعاقب الليل والنهار واتصالهما سرمداً، فمعلوم أن ذلك كله مخلوق، وأنه أخص أجزاء العالم المخلوقة، ولا يصح أن يكون المخلوق هو الخالق، وإنما المراد أنهم كانوا ينسبون الأفعال، لغير الله - سبحانه وتعالى - جهلاً بكونه - عز وجل - خالق كل شىء ويجعلون له شريكاً فى الأفعال، فأنكر عليهم هذا الاعتقاد، وأراد أن الذى يشيرون إليه بأنه يفعل هذه الأفعال، [هو الله جلت قدرته ليس هو الدهر] (?)، وهذا كما لو قال قائل: القاضى فلان قتل فلاناً الزانى، فيقول الآخر: الشرع قتله، لم يقتله القاضى، أو يقول: الشرع هو القاضى، وإنما يعنى أنه يجب إضافة الشىء إلى ما هو الأصل فيه أو التنبيه على غلط