الْمُلُوكَ وَيُصِيبُ مِنْهُمْ. فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّى رَأَيْتُ عُطَارِدًا يُقِيمُ فِى السُّوقِ حُلَّةً سِيَرَاءَ، فَلَوَ اشْتَرَيْتَهَا فَلَبِسْتَهَا لِوُفُودِ الْعَرَبِ إِذَا قَدِمُوا عَلَيْكَ - وَأَظُنُّهُ قَالَ: وَلَبِسْتَهَا يَوْمَ الْجُمَعَةِ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّمَا يَلْبَسُ الْحَرِيرَ فِى الدُّنْيَا مَنْ لا خَلاقَ لَهُ فِى الآخِرَةِ "، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أُتِى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحُلَلٍ سِيَرَاءَ، فَبَعَثَ إِلَى عُمَرَ بِحُلَّةٍ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بموضع تجمل، وهى مظان تضرع وإظهار الفاقة والمسكنة.
وقوله - عليه السلام -: " إنما يلبس الحرير فى الدنيا من لا خلاق له فى الآخرة "، قال الإمام: اختلف الناس فى لباس الحرير، فذهب قوم إلى منعه على الإطلاق، وآخرون إلى جوازه على الإطلاق، وجمهور العلماء على إباحته، ومنعه للرجال، والدليل على ما ذهب إليه الجمهور قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنما يلبس الحرير فى الدنيا من لا خلاق له فى الآخرة ".
وأخرج مسلم فى حديث الحلة: " فلما كان بعد ذلك أتى النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بحلل (?) سيراء، فبعث إلى عمر بحلة، وبعث إلى أسامة " الحديث: وفيه أن أسامة راح بحلته (?)، فنظر إليه النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نظراً عرفت أن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنكر ما صنع، فقال: يا رسول الله، ما تنظر إلىّ، أنت بعثت بها إلى، فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنى لم أبعث إليك بها لتلبسها ولكن بعثت [إليك] (?) بها إليك تشققها خُمُراً بين نسائك ": ففرق فى هذا بين الرجال والنساء.
وفى بعض طرقه: " أهدى إليه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثوب حرير فأعطاه علياً - رضى الله عنه - فقال: شققه خمراً بين الفواطم " (?): وفيه صلة الإخوان والقرابة وإن كانوا على غير الإسلام، وجواز البيع والشراء على باب المسجد.
وفى بعض طرقه: " فأمرنى فأطرتها على نسائى " (?) وأظهر النكير على (?) نسائه، فلما اعتذر إليه [بأنه] (?) بعثها، أخبره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه بعثها ليشققها خمراً بين نسائه. هذا حكم الحرير المحض (?)، وأما المختلط كالذى سداه (?) حرير ولحمته قطن أو كتان، فروى عن مالك أنه يكره من الثياب ما كان سداه حريراً أن يلبسه الرجال (?)، وهو مذهب ابن عمر، وأجازه ابن عباس، قال بعض أصحابنا: اختلف فيه، وأجيز وكره، وإجازته أكثر.