(...) وَحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُهْزَاذَ، حَدَّثَنِى عَبْدُ اللهِ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ألا يا حمز للشرف النواء ... وهن معقلات بالفناء
صنع السكين فى اللبان منها ... وضرجهن حمزة بالدماء
وعجل من أصايبها لشرب ... قديد أو طبيخ أو شواء
ومعنى جب واجتب: أى قطعها واستأصلها. والأسنمة: الحدب، واحدها سنام.
وبقر: شق. ومعنى ثمل: أى سكران. والشرب، بفتح الشين: الجماعة يشربون.
ولم يذكر تغريم النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحمزة ما أفسده السكران من الأموال ولا إسقاطه عنه، ولا أعلمه فى شىء من المصنفات، لكن عمر بن أبى شيبة ذكر الخبر فى كتابه وزاد فيه من رواية أبى بكر بن عياش: " فغرمها النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحمزة ".
ولا خلاف فيما أفسده السكران من الأموال أنه يضمنه، ويحتمل أن علياً لم يطلب منه تغريمه، أو أن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عوّض علياً من ذلك لحكم حقه من العمومة، كما قال فى العباس فى الذكاء: " هى على معها " على أحد الروايات والتأويلات، وقد تقدم.
وقد احتج بهذا الحديث من لا يرى طلاق السكران لما لم يلزمه شىء على [خشين] (?) كلامه للنبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الذى لو قاله صلح لوجب نكاله، ولا حجة فيه لأنه إنما ألزمه من ألزمه ذلك لأنه أدخله على نفسه بمعصية الله - تعالى - بخلاف لو سكر بلبن شربه أو من عارض عرض له من طباعه، فهذا لا حكم لطلاقه ولا لأحكامه، إذ هو كالمغمى والجنون بإلزامه، وبه قال مالك والشافعى والكوفيون والثورى والأوزاعى، وفو قول ابن المسيب فى جماعة من السلف وكافة العلماء كالحسن والنخعى وعطاء وغيرهم، وحكى عن عثمان وابن عباس وعمر بن عبد العزيز والقاسم بن محمد وطاووس والليث وربيعة: أنه لا يلزم، وقاله إسحاق وأبو ثور والمزنى، ووقف فيها ابن حنبل.
وقوله: " فرجع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقهقر حتى خرج عنهم ": قال أبو عمر: القهقر: الإحضار، فهو على هذا بمعنى خرج مسرعاً. وقال الأخفش: رجع القهقرى: إذا رجع وراءه ووجهه إليك.
قال القاضى: وهذا أعرف فى معنى اللفظة وأشبه بمعنى الحديث، كأنه حذر منه ما يبدر منه إن ولاه ظهره، لما كان عليه من السكر، وهو بمعنى ما فى الحديث الآخر: