المَنْظَرَ مِنْهُمَا. قَلْتُ: مَنْ فَعَلَ هَذَا؟ قَالُوا: فَعَلَهُ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَلِبِ، وَهُوَ فِى هَذَا الْبَيْتِ فِى شَرْبٍ مِنَ الأَنْصَارِ. غَنَّتْهُ قَيْنَةٌ وَأَصْحَابِه. فَقَالَتْ فِى غِنَائِهَا: أَلا يَا حَمْزُ للِشُّرُفِ النّوَاءِ. فَقَامَ حَمْزَةُ بِالسَّيْفِ، فَاجْتَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا، وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا، فَأَخَذَ مَنْ أَكْبَادَهِمَا. قَالَ عَلِىٌّ: فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ. قَالَ: فَعَرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِى وَجْهِىَ الَّذِى لَقِيتُ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَالَكَ؟ ". قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَاللهِ، مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ قَطُّ، عَدَا حَمْزَةُ عَلَى نَاقَتَىَّ فَاجْتَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا، وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا، وَهَاهُوَ ذَا فى بَيْتٍ مَعَهُ شَرْبٌ. قَالَ: فَدَعَا رسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَدَائِهِ فَارْتَدَاهُ، ثُمَّ انْطَلَقَ يمْشِى، وَاتَّبَعْتُهُ أَنَا وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَة، حَتَّى جَاءَ الْبَابَ الَّذِى فِيهِ حَمْزَةُ، فَاسْتَأذَنَ، فَأَذِنُوا لَهُ، فَإِذَا هُمْ شَرْبٌ. فَطَفِقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلُومُ حَمْزَةَ فِيمَا فَعَلَ، فَإِذَا حَمْزَةُ مُحْمَرَّةٌ عَيْنَاهُ، فَنَظَرَ حَمْزَةُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ فَنَظَرَ إِلَى سُرَّتِهِ ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ فَنَظَرَ إِلَى وَجْهِهِ. فَقَالَ حَمْزَةُ: وَهَلْ أَنْتُمْ إِلا عَبِيدٌ لأَبِى؟ فَعَرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ ثَمِلٌ، فَنَكَصَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَقِبَيْهِ القَهْقَرَى، وَخَرَجَ وَخَرَجْنَا مَعَهُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مكان معين ". واتفقت النسخ على قوله أولاً: " وجمعت "، وسقط من بعضها، وسقوطه مع ثبوت " حتى " أو إصلاحه مع ثبوت " حتى " مكان " معين " يصح الكلام، وإلا فلا معنى لجمعت هنا مع الحرفين، ولعله مغير من " حيث "، وأنه بنحوه. ذكره الحميدى فى مختصره، قال: " وأقبلت حين جمعت ما جمعت " ما ذكره من فعل حمزة وشربه الخمر. وما ذكر فى الحديث من القصة، فذلك قبل أن يحرم [كله] (?).
وليس فى فعل حمزة من جب أسمنتها وبقر خواصرها واستخراج أكبادها حجة لجواز أكل ذلك مما لم يذك، فكل ما أخذ من الحى ميتة لا يحل أكله، وقد ذكر أهل المصنفات فى هذا الحديث: " إلا سنمًا فبقره لخواصرها " كان بعد أن نحرها وذكاها، فيصح أكلها حينئذ على قول كافة العلماء فى جواز أكل ما ذبح وذكى بغير إذن مالكه، مما ذبحه غاصب أو سارق أو متعد، وهو قول مالك وقول أبى حنيفة والثورى والشافعى والأوزاعى. وخالف فى ذلك إسحاق وداود فقالا: لا تؤكل، وروى عن عكرمة، وهو قول شاذ عند العلماء. وقد روى ابن وهب حجة للكافة فى جواز أكلها أثراً عن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويدل أن حمزة قد ذكاها بقية الشعر وهو فيما أنشده ابن قتيبة: