3 - (...) وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ العَنْبَرِىُّ، حَدَّثَنَا أَبِى، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ابْنِ أَبِى السَّفَرِ، عَنِ الشَّعْبِىِّ، عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ: سَأَلتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
التزكية، وللانتفاع، فكرهه مالك، وأجازه ابن عبد الحكم، وهو ظاهر قول الليث: ما رأيت حقاً أشبه بباطل منه. وأما إن فعله لغير نية التذكية فهو حرام لأنه من الفساد فى الأرض، وإتلاف نفس لغير منفعة. قال داود الأصفهانى: للصيد ثلاثة شروط: ممتنعاً، لا لملك أحد، حلال الله.
وقوله: " إذا أرسلت كلبك المعلم، وذكرت اسم الله عليه فكل "، وفى بعض طرقه: " واذكر اسم الله " قلت: وإن قتلن؟ قال: " وإن قتلن، ما لم يشركهن كلب ليس معها "، وفى بعض طرقه: " فإنما سميت على كلبك ولم تسم على غيره "، وفى بعض طرقه: " إلا أن يأكل الكلب، فإن أكل فلا تأكل، فإنى أخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه "، وفى بعض طرقه: " ما أمسك عليك ولم يأكل منه فكله، فإن ذكاته أخذه "، قال الإمام: الحيوان الذى يحل أكله لا يستباح فى الشرع إلا بتذكية. والتذكية: عقر أو ذبح أو نحر. فأما الذبح والنحر ففى المقدور عليه. وأما العقر: فكل حيوان مأكول اللحم متوحش طبعاً، غير مقدور عليه، فذكاته العقر. فقولنا: حيوان؛ لأن ما ليس حيوان لا يذكى. وقولنا: مأكول اللحم؛ لأن الخنزير وما يحرم من الحيوان لا يصح تذكيته. وقولنا: متوحش؛ احترازاً من الإنسى كالبقر والشاة، فإنه لا يذكى بالعقر، وقلنا: طبعاً؛ احترازاً من الأنسى [إذا ند] (?)، فإنه لا يستباح بالعقر؛ لأن التوحش ليس من طبيعته. وقلنا: غير مقدور عليه؛ احترازاً من الوحش إذا حصل فى قبضة الصائد، فإنه لا يذكى بالعقر. هذا ضبط ما يذكى بالعقر.
وأما الآلة التى يعقر بها، فكل حيوان يصيد ويقبل التعليم فإنه يجوز به الصيد عندنا، وما وقع من النهى عن التصيد ببعضه فى المذهب فمحمول على أنه لا يقبل التعليم، هذا مذهب مالك وأصحابه. ومن الناس من قصر الاصطياد على الكلاب خاصة، تعلقاً بقوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِين} (?)، ومنهم من يستثنى الكلب الأسود، والدليل عليه قوله فى كتاب مسلم: " وإن رميت سهمك فاذكر اسم الله " الحديث (?). وخرّج الترمذى عن عدى بن حاتم: سألت النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن صيد البازى؟ فقال: " ما أمسك عليك فكل، وإن أكل فلا تأكل " (?)، فثبت بهذه الأحاديث جواز الصيد بالرمى والطير.