136 - (1811) حدَّثنا عَبدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِىُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو - وَهُوَ أَبُو مَعْمَرٍ الْمِنْقَرِىُّ - حَدَّثنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ - وَهُوَ ابْنُ صُهَيْبٍ - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ انْهَزَمَ نَاسٌ مِنَ النَّاسِ عَنِ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبُو طَلْحَةَ بَيْنَ يَدَىِ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُجَوِّبٌ عَلَيْهِ بِحَجَفَةٍ. قَالَ: وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ رَجُلاً رَامِيًا شَدِيدَ النَّزْعِ، وَكَسَرَ يَوْمَئِذٍ قَوْسَيْنِ أَوْ ثَلاثًا قَالَ: فَكَانَ الرَّجُلُ يَمُرُّ مَعَهُ الْجَعْبَةُ مِنَ النَّبْلِ فَيَقُولُ: انْثُرْهَا لأَبِى طَلْحَةً. قَالَ: وَيُشْرِفُ نَبِىُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرُ إِلَى الْقَوْمِ. فَيَقُولُ أَبُو طَلْحَةَ: يَا نَبِىَّ اللهِ، بِأَبِى أَنْتَ وَأُمِّى، لا تُشْرِفُ لا يُصِبْكَ سَهْمٌ مِنْ سِهَامِ الْقَوْمِ، نَحْرِى دُونَ نَحْرِكَ. قَالَ: وَلَقَدْ رَأَيْتُ عَائِشَةَ بِنْتَ أَبِى بَكْر وَأُمَّ سُلَيْمٍ وَإِنَّهُمَا لَمُشَمِّرتَانِ، أَرَى خَدَمَ سُوقِهِمَا، تَنْقُلانِ الْقِرَبَ عَلَى مُتُونِهِمَا، ثُمَّ تُفْرِغَانِهِ فِى أَفوَاهِهْم، ثُمَّ تَرْجِعَانِ فَتَمْلآنِهَا، ثُمَّ تَجِيئَانِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أكثرهن كن متجالات، وأن المداواة قد لا يكون فيها لمس ومباشرة.
وقوله: " وأبو طلحة بين يدى النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مجوب عليه بحجفة "، قال الإمام: يعنى مترسًا يقيه بالحجفة، وهى الترس، والجوب: التُّرس.
وقوله: " وكان أبو طلحة رامياً شديد النزع ": يعنى شديد الرمى بالسهام.
قال القاضى: وفيه التترس (?) والتوقى من العدو، وفضل الرمى، وجواز قول الرجل للآخر: بأبى أنت وأمى، وتفديته؛ لقول أبى طلحة ذلك، ولقول غير واحد ذلك للنبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم ينكره. وقد كره بعض العلماء التفدية بالآباء، وقال: لا يفدى بمسلم أحدٌ، وإنما فدى هؤلاء بأبيهم لأنهم مشركون، ورويت فى ذلك آثار ولم تثبت. وقد فدى أبو بكر النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبوه مسلم، وفدته عائشة - رضى الله عنها - فى حديث أم زرع فى بعض الروايات. وقوله من السلف بعضهم لبعض غير منكر والمراد به التعظيم وغاية البر.
وقوله: " أرى خدم سوقها " أى خلاخيلِهن. والسوق جمع ساق، وواحد الخدم خدمة. وقيل. هى سور كالحلقة تجعل فى الرجل.
قال الإمام: وفى حديث سلمان أنه رىء على حمار وخدمتاه تذبذبان: أراد بخدمتيه: ساقيه، فسميتا بذلك لأنها موضع القدمين [وهى الخلخالين] (?) [ويقال: أريد بهما مخرج الرجل من السراويل] (?)، ومنه الحديث: [" بادية خدامهن "، أى ظاهرة خلاخلهن، ومنه قيل: فرس مخدم إذا كان أبيض الرسغين] (?).