. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

أخرى، فإن تناقض اختلافهم بتضاد أحكامهم إنما هو على الجملة وجنس النازلة، وبحسب تقدير اجتماع ذلك فى النازلة الواحدة، والنظر فى إصابة صواب الحكم ومراد الله فيه فإنما هو بعد وقوعه، ولا يصح أن يقع إلا على صفة واحدة فلا ينفذ فى الشأن القتل والاحتياط فى حالة، ولا يجتمع التحليل والتحريم فى حكم واحد.

فبان أن الذى نفد به الحكم فى هذه النازلة من المالكية من قتل هذا هو حكم الله - تعالى - فيه لا سواه، وفى هذه الأخرى من جلد آخر فيها بحكم الحنفى هو حكمه أيضاً لا سواه، ومن تصريح آخر وترك التبعة له فى مثلها. بحكم الشافعى لذلك، وأن الصواب فى هذه النوازل كأنها ما نفذ فيه حكم المجتهدين وفتاويهم فيها بخاصة كل قضية، وأنها أحكام الله - سبحانه - فيها، ومراده فى أزله، وسابق علمه لا غير ذلك؛ إذ لا حكم لله فى نازلة إلا ما نص عليه، أو قام مقام نص بما شرعه رسوله قطعاً، أو اجتمعت عليه أمته أو مستنده إلى مثل ذلك، أو ما كشف الغيب مراده أنه حكمه بتقييد مجتهد له ولا تناقض ولا تضاد فى ذلك، إذ التناقض والتضاد إنما يتصور فى المحل الواحد، وهذا كله بين جلى.

والقول بأن الحق فى طرفين هو قول أكثر أهل التحقيق من المتكلمين والفقهاء، وهو مروى عن مالك والشافعى وأبى حنيفة، وإن كان قد حكى عن كل واحد منهم اختلاف فى هذا الأصل، وهذا كله فى الأحكام الشرعية وما لا يتعلق بأصل وقاعدة من أصول التوحيد وقواعد التوحيد، مما مبناه على قواطع الأدلة القطعية، فإن الخطأ فى هذا غير موضوع، والحق فيها فى طرف واحد بإجماع من أرباب الأصول، والمصيب فيها واحد، إلا ما حكى عن عبيد الله بن الحسن العنبرى أن مذهبه فى ذلك على العموم. وعندى أنه إنما يقول ذلك فى أهل الملة دون الكفرة. والاجتهاد المذكور فى هذا الباب هو: بذل الوسع فى طلب الحق والصواب فى النازلة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015