فَإِنَّمَا هِىَ قِطْعَةٌ مِنَ النَّارِ، فَلْيَحْمِلْهَا أَوْ يَذَرْهَا ".
6 - (...) وحدّثنا عَمْرٌو النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْن سَعْدٍ، حَدَّثَنَا أَبِى، عَنْ صَالِحٍ. ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، كِلَاهُمَا عَنِ الزُّهْرِىِّ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَ حَدِيثِ يُونُسَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فاسمع له من حجة وبينة.
وقد اختلف العلماء فى حكم الحاكم بعلمه وما سمعه فى مجلس نظيره، فمذهب مالك وأكثر أصحابه: أن القاضى لا يقضى فى شىء من الأشياء بعلمه، لا فيما أقر به فى مجلس قضائه ولا فى غيره، وهو قول أحمد وإسحاق وأبى عبيد، وروى عن شريح والشعبى. وذهب جماعة من علماء المدينة إلى أن القاضى يقضى بما سمعه فى مجلس قضائه خاصة لا قبله ولا فى غيره، إذا جحده ولم يحضر مجلسه بينة فى الأموال خاصة، وبه قال الأوزاعى وجماعة من أصحاب مالك المدنيين وغيرهم، وحكوه عن مالك. وذهب أبو حنيفة إلى أنه يحكم بما سمعه فى قضائه وفى مصره، لا قبل قضائه ولا فى غير مصره فى الأموال خاصة لا فى الحدود (?). واستثنى بعض أصحابه القذف ولم يشترط مجلس القضاء. وذهب أبو يوسف ومحمد إلى أنه يقضى فى الأموال بعلمه فى القضاء وقبله وما سمعه بمصره وغيره، وهذا أحد قولى الشافعى. وقال الشافعى فى مشهور قوليه وأبو ثور ومن تبعهما: إنه يقضى بعلمه فى كل شىء من الأموال والحدود وغيرهما بما سمعه ورآه وعلمه قبل قضائه وبعده، بمصره وغيره.
وقوله: " فإنما أقطع له قطعة من النار " معناه: إن قضيت له فى الظاهر بما الحكم فى الباطن خلافه. وترجم عليه البخارى: أن القضاء فى القليل والكثير (?) سواء لقوله: " بشىء ".
وقوله:" قطعة من النار ": قيل: أى من العذاب بالنار، فسمى العذاب بها باسمها، كما قال: إنى أنا الموت. وقد يكون على طريق التمثيل لما يضره من ذلك فى أخراه كما تضره النار، بدليل قوله فى الرواية الأخرى: " فليحملها أو ليذرها ". وفيه وعظ الحاكم المتخاصمين، وقد ترجم عليه البخارى - أيضاً (?).