89 - (...) حدّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمنِ، أَخْبَرَنا أَبُو الْيَمَانِ عَنْ شُعَيْبٍ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّب؛ أَنَّ أَبا هُرَيْرَةَ قالَ: سَمِعْتُ النَّبِىَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: " جَاءَ أَهْلُ الْيَمَن، هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً وَأَضْعَفُ قُلوبًا، الإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيةٌ، السَّكِينَةُ فِى أَهْلِ الْغَنَمِ، وَالْفَخْرُ وَالْخُيَلاءُ فِى الْفَدَّادِينَ أَهْلِ الْوَبَرِ، قِبَلَ مَطْلِع الشَّمْسِ ".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ومعنى: " أرق أفئدة وقلوباً وألين وأضعف " متقارب، وكلها راجع إلى ضد القسوة والغلظ، وذلك أَنَّ من رق قلبه ولان قبل المواعظ، وخضع للزواجر، وسارع إلى الخير، وصفى للإيمان (?) والفقه والحكمة، بخلاف من قسا قلبه وغلظ وكثفت حَجُب الكبر والفخر والعجب عليه.
وقد يكون ذكر القلوب والأفئدة ها هنا بمعنى واحد، تكررت باختلاف لفظ كما اختلف اللفظ الذى قبلها، وقد يكون بينهما فرق إذ قيل: إن الفؤاد داخل القلب، فوصف القلب باللين والضعف والفؤاد بالرقة، أى أن قلوبهم أسرع انعطافاً وتقلباً للإيمان [من غيرها؛ إذ أفئدتها أرق وأصفى لقبول الإيمان] (?) والحكمة، وأقل حجباً وأغشية من غيرها، وقد يكون الإشارة بلين القلب إلى خفض الجناح، ولين الجانب، والانقياد والاستسلام وترك الغلو، وهذه صفة الظاهر، والإشارة برقة الأفئدة إلى الشفقة على الخلق والعطف عليهم والنصح لهم، وهذه صفة الباطن، وكأنه (?) أشار إلى أنهم أحسن أخلاقاً ظاهراً وباطناً.