مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ، وَلَسْتَ تُنْفِقُ نَفَقَةً تَبْتَغِى بِهَا وَجْهَ اللهِ إِلَّا أُجِرْتَ بِهَا،

ـــــــــــــــــــــــــــــ

واختلف - أيضاً - فيمن لا وارث له، هل يقتصر على الثلث كمن له وارث، ويكون بيت المال كوارث معلوم يمنع من أجلها من الزيادة على الثلث؟ أم تجوز له الصدقة بماله كله إذ لا وارث له معلوم؟ (1) وقد قال سعد: " لا يرثنى إلّا ابنة لى واحدة " ولم يسامحه بصدقة الشطر. وقيل: مراد سعد: لا يرثنى ممن له فرض معلوم إلّا ابنة لى. والعالة: الفقراء و " يتكففون ": أى يمسكون بأكفهم الصدقة. وكانوا يكرهون الموت بمكة لأجل أنه بلد تركوه لله - سبحانه - فكرهوا أن يعودوا فيما تركوه لله - سبحانه - فلهذا ذكر فيه ما جرى فى الحديث.

قال القاضى - رحمه الله -: أجمع العلماء أَن مَنْ مات وله ورثة فليس له أن يوصى بجميع ماله، إلّا شيئًا (2) روى عن بعض السلف أجمع الناس بعد على خلافه. وجمهورهم على أنه لا يوصى بجميع ماله وإن لم يكن له وارث (3). وذهب أبو حنيفة وأصحابه وإسحاق وأحمد - فى أحد قوليه - لإجازة ذلك (?)، وروى عن بعض سلف الكوفيين وعن على وابن مسعود. وظاهر قوله: " أفاتصدق بثلثى مالى " يحتمل فى بتلة فى مرضه أو الوصية به بعد موته، وهما عند عامة فقهاء الأمصار سواء، لا يجوز من ذلك إلّا الثلث بنقص أم لا. وعند أهل الظاهر (?) وأجازوا فعل المريض كله فى ماله، وجعلوه كالصحيح بتل السنة إلا عبد فى مرضه. ورد النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمرهم إلى الثلث حجة للكافة مع عموم ظاهر حديث سعد، واحتماله الوجهين.

وأجمعوا على جواز الوصية بأكثر من الثلث إذ أجاز ذلك الورثة، ومنع ذلك أهل الظاهر وإن أجازوها [] (?) - عليه السلام -: " الثلث والثلث كثير، إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس ". يصح فى الثلث الأول النصب على الإفراد أو مفعول بإضمار فعل، ويصح فيه الرفع على الفاعل بإضمار فعل " يكفى " ونحوه، أو خبر مبتدأ أو مبتدأ وخبره مضمر، وبالوجهين ضبطنا هذا الحرف، و " إن تذر " الوجه فيه نصب الهمزة وهو مقصود الكلام وكذا ضبطناه عن الشيوخ وقَدْ وهم فيه بعضهم فقال: " إن " بالكسر، وله وجه فى الكلام لا يند، يقتضى أنّ مراعاة الورثة خير من مراعاة المساكين، وهذا بمقدار المال ومقدار كثرة الورثة وغناهم وفقرهم.

وقد يكون هذا الخبر المراد به عظم الأجر فى الآخرة، أو يكون خيرًا للورثة وأحسن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015